.

عرض المقال :«جمعة الغضب» الفلسطيني أمام «أونروا» بيروت

  الصفحة الرئيسية » ركـن المقالات

«جمعة الغضب» الفلسطيني أمام «أونروا» بيروت


حوله يتحلّقون. «يتمعمل» في الوسط. لا يكترث بالكاميرات. تلك يستهويها «الحدث». لا تعني قضيّته. تدمع عيناه. يمسحهما بكمّه. يُمسكون به. يحاولون تهدئة غضبه. ترويض فاجعته. يُطلق العنان لحنجرته. يستغيث طالباً أشياء هي من المسلّمات لدى غيره. سقف لا «ينشّ». مدرسة «لائقة» لأطفاله. علب سردين إضافيّة. بضعة كيلوغرامات زائدة من الأرز. عدس. فول. طبابة مجانيّة. مستشفياتٍ ترقى إلى مستوى الكلمة. والأهمّ، يطلب وطناً.

ليس سهلاً الحديث عن شعبٍ نصفه يُقتل في أرضه، والنّصف الآخر يُضيّق عليه الخناق خارجها. فلسطيني؟ باتت الكلمة رديفةً للمعاناة. للمأساة. يوم أمس مارس الفلسطينيّون حقّهم. تعدّى الأمر حقّهم في التّعبير، ليصل إلى حقّهم في الحياة. طالبوا بالنّظر إليهم كبشر. «نحن هنا». صرخوا في وجه «الممسكين بالرّقاب».

وكما الفلسطيني أصبح رديفاً للقهر، بات اسم «الأونروا» مرادفاً للظّلم. المنظّمة اليوم مغضوبٌ عليها. يهزأ الفلسطيني من «مساعداتها». حتّى أنّ أغانٍ أُلّفت حول هذا الغرض.

أمس، غضب اللاجئون الفلسطينيّون «جماعة». ولوّا وجوههم «شَطر المنظّمة العابرة للقارّات». استقلّوا باصاتٍ وتوجّهوا غاضبين إلى بيروت. «الجمعة الغاضبة». لم يعد بإمكانهم تحمّل سياسات المنظّمة أكثر. تقليصها للخدمات أصبح، حرفيّاً، خانقاً.

كيف تطوّرت الأمور؟
منذ أكثر من ستّين عاماً أنشئت المنظّمة لمساعدة اللاجئين. لا غايةَ أخرى لها. في بداية النّكبة الفلسطينيّة كانت المنظّمة متكفّلة بتأمينٍ شامل لطبابتهم. منذ عشرين عاماً تغيّرت الأمور. بدأت «التّقليصات» تجتاح السيّاسات. قُسّم المرضى إلى درجتين: ثانية وثالثة. خلال العشرين عاماً الماضية، كانت المنظّمة تغطّي كامل تكاليف الاستشفاء للمريض. ألقي عليه فقط ثقل المساهمة في ثمن بعض الأدوية والأجهزة. لمرضى الدّرجة الثالثة سياسة أخرى. غطّت «الأونروا» ثلاثين في المئة من كلفة العمليّات الجراحيّة. ارتفعت نسبة المساهمة بعد ذلك لتصل إلى خمسين في المئة، ولكن بشرطٍ واحد: أن لا تزيد تكلفة الاستشفاء على أربعة آلاف دولار.

هذا العام ارتفع منسوب «الوقاحة». «المساعدات تقلّصت». تحجّجت «الأونروا». مطلع العام تفاجأ مرضى الدّرجة الثانية بإجبارهم على دفع جزءٍ من قيمة الفاتورة. أين خطورة القرار؟ في جزأين. الأوّل أنّ أغلب المرضى الّذين يدخلون إلى المستشفيات هم من مرضى الدّرجة الثّانية. والثاّني أنّ الفروقات المتوجّبة عليهم قد تصل إلى 500 دولار. وفي حال لم يتمكّن اللاجئ من دفع المبلغ؟ يتمّ احتجازه داخل المستشفى.

ليست المشكلة محصورة بما بعد تلقّي العلاج. لما قبل تلقّيه رواية أيضاً. أمام اللاجئ خيارٌ واحدٌ: التوجّه نحو مستشفيات «الهلال الأحمر». لتلك قرار تحويل المريض إلى مستشفى آخر. وضع تلك المستشفيات مزرٍ. حدث الأمر مع اللاجئة عائشة نايف في مخيّم برج الشمالي، التي توفّيت وهي تتنقّل بين مستشفيات صور بسبب عدم امتلاكها لتكاليف العلاج.

بيوتهم..
يُقال إنّ اللاجئ الفلسطينيّ يسكن بيتاً. هكذا هي التّسمية. بيت؟ الواقع يختلف عن التّوصيفات. لا مبالغة في الحديث عن علب سردين، حجارة مكدّسة فوق بعضها البعض، يسكنها اللّاجئ. تلك الحال لم تجد لها «أُمميّاً» من صدى. «الأونروا» من جديد تُصدر القرارات جزافاً. بـ «القطّارة» تُرمّم البيوت. ما يطلبه اللاجئ ليس كثيراً. «لا أريد لابني أن يموت بقطعة إسمنت تسقط عليه من سقف الغرفة». ما يريده أن لا يتوقّف «برنامج الطّوارئ». لمخيّم «نهر البارد» حقّ إعادة الإعمار. من حقّ سكّانه العيش في بيوتٍ غير آيلة للسّقوط. أو بالأحرى، السّكن في بيوت.

«الموضوع سياسي»
إلى هذا الحدّ حياة اللاجئ رخيصة. يُدرك الفلسطينيّ ذلك. لا يضع الأمر في خانة «تقليص المساعدات». يصبّه في خانة المؤامرة على الشّعب الفلسطيني.

«الموضوع سياسي» يقولها ميسور عطوان من مخيّم برج الشّمالي. «فلسطين من الـ48 لليوم ضايعة، وطالما نحنا مش ماشيين مع الدّول العربيّة اللي بتتآمر علينا، رح تضل ضايعة».

من حقّ اللاجئ الفلسطيني أن يشعر بالخوف. لا يقوون على قتله في الدّاخل، فيستعملون الأساليب «الدّيبلوماسيّة». حجّة قلّة الأموال مضحكة، وبشدّة. فقط لشنّ الحروب تتوفّر النّقود. لكن عندما يصل الأمر إلى حياة الفلسطيني تقطع الدّول أيديها و «تشحذ» عليها.

يحقّ للّاجئ الفلسطيني أن يقلق على مستقبله. أن يسأل عن جدوى وجود منظّم «غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيّين» إذا كانت تتملّص من غوثهم وتنشغل عن تشغليهم. أن يغضب في وجه المدير العام للمنظّمة ماتياس شمالي عن «قراراته الجائرة بحقّ اللاجئين». أن «يتمعمل» في الوسط. أن يشتم الكاميرات الّتي لا يستهويها سوى «الحدث». أن يبيتَ على أبواب مركز المنظّمة الرّئيسي. يحقّ لأم أمين أن تقلق على مستقبل أولادها الثّمانية. كما يحقّ لها أن تقول «يرجّعونا عفلسطين أحسن من الذّلّ اللّي عايشينوا بلبنان».

احتجاجات البقاع الأوسط
واصل فلسطينيو البقاع الأوسط من تصعيد التحركات الشعبية ضد سياسة "الأونروا" بتخفيض خدماتها. إذ نظّمت اللجنة الشعبية اعتصاماً حاشداً أمام عيادة الوكالة في منطقة سعدنايل البقاعية، بمشاركة الفصائل الفلسطينية والفعاليات الاجتماعية والاقتصادية وحشد من اللاجئين المعتصمين النازحين الفلسطينيين من مخيمات سوريا.

رفع المعتصمون لافتات وشعارات منددة بالخطوات الجائرة والمجحفة من قبل "الاونروا".
تخلل الاعتصام كلمات نددت بالخطوات الظالمة وحذرت من التداعيات السلبية لإجراءات الوكالة.
المصدر: زينب سرور – السفير
 « رجوع   الزوار: 1313

تاريخ الاضافة: 29-01-2016

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
2 + 6 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركـن المقالات

«الأونروا» أمام اختبار العجز والهدر

آثار قاسية يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. ممنوعون من البناء في المخيمات والتملك خارجها

«كلاوس» تؤكد على أولوية إصلاح التعليم ورفع جودة التعليم في مدارس «الأونروا»

لاعب كويتي ينسحب من بطول المبارزة العالمية في بلغاريا

الشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد يفوز بجائزة مسابقة الكتابة الموجهة للطفل على مستوى العالم العربي 2023

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :288854
[يتصفح الموقع حالياً [ 29
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013