.

عرض المقال :لك الله يا غــزّة

  الصفحة الرئيسية » ركـن المقالات

لك الله يا غــزّة

د. أيمن مصطفى
أسخف نكتة سمعتها على الإطلاق هي دعوة جامعة الدول العربية مجلس الأمن الدولي لفرض حظر جوي على غزة. ليت الأمين العام للجامعة - الطامع في رئاسة بلاده مصر - اكتفى باجتماع روتيني يعلن عن دعم وهمي للشعب الفلسطيني كما هي عادة اجتماعات الجامعة كلما أمعن العدو الإسرائيلي في امتهانه للدم العربي والكرامة العربية.
الأمين العام أراد التغطية على الحماسة العربية لاستقدام التدخل العسكري الدولي في ليبيا بإعلان هذه النكتة الممجوجة بشأن غزة. طبعاً لا مجال هنا للمقارنة بين ليبيا وغزة، ففي ليبيا قوات تحارب قوات وينقص المعارضة الغطاء الجوي أما في غزة فالاحتلال العنصري الإسرائيلي يقصف غزة بشكل دائم من البر والبحر وليس الجو فقط، ويقتحم القطاع بين الفينة والأخرى ليقتل من يشاء من الفلسطينيين الذين لا يملكون مدرعات ولا مدافع ولا حتى سيارات كمعارضة ليبيا.
المسألة كما ذكرنا لا علاقة لها بمقارنات تجعل الطلب العربي سيئاً، وإنما الأمر كله في غاية "المسخرة" بعد تصعيد العدو الصهيوني لعدوانه على غزة في الأيام الأخيرة ليقتل عشرين فلسطينياً لأن قذائف من القطاع سقطت إحداها على حافلة مدرسية في طريق عسكرية فأصابت السائق وطالباً. وانتفض العالم المنافق لأن قذيفة فلسطينية استهدفت "مدنيين"، وكأن في "إسرائيل" مدنيين فكل سكانها إما في الجيش أو الاحتياط وإرهابيون من قطعان المستوطنين. ولم يأبه أحد لقتل الفلسطينيين وتدمير مقدراتهم، وهل اهتم أحد - فالقتل الإسرائيلي للفلسطينيين مستمر بشكل دائم ليس فقط في غزة وإنما في الضفة أيضاً. أضف إلى ذلك الحصار والتجويع القاتل وتوسيع المستوطنات والاعتقالات في صفوف الفلسطينيين والإذلال الذي يتعرض له أصحاب الأرض الأصليين بشكل يومي ودائم علي أيدي قطعان الإرهابيين المستوطنين.
لم يتدخل الفرنسيون، ومعهم البريطانيون والأميركيون بتمويل عربي، في ليبيا لأن جامعة الدول العربية طالبتهم بذلك. فمن الخبل تصور أن أحداً يقيم وزناً حقيقياً لجامعة الدول العربية ولا حتى لكل الأنظمة العربية. إما تلك التي تملك المال فيمكنها أحياناً المساهمة في خطط الغرب بالتمويل، لكن ليس بالتأثير ولا تحديد الأهداف وحسابات المصالح. كان هذا حال العرب في العقود الثلاثة الأخيرة ولا يزال، ولا يستثنى من ذلك إلا الجماعات التي يمكن أن تتصدى ل"إسرائيل" مثل المقاومة اللبنانية والفلسطينية. صحيح أن الانتفاضات الشعبية العربية الأخيرة تبشر بتغيير ذلك الموقف، لكن تغيير رأس الحكم في تونس ومصر لم يؤد إلى تغيير بعد في بنية القوة الوطنية وبالتالي لا يزال بلا تأثير إقليمي على الإطلاق. ولنأخذ مصر على سبيل المثال التي يسعى أمين عام جامعة الدول العربية لرئاستها خلفاً لرئيسها المطاح به، حيث جنوبها بلد انقسم وغربها بلد يتفتت عسكرياً ونيلها مصدر حياتها يتعرض للضغط من دول المنبع. وها هو بيريز يتجه إلى أثيوبيا لدعم خططها لبناء سد هائل على أحد مصادر النيل الرئيسية يحرم مصر والسودان من المياه.
أي ثقل إذاً لجامعة الدول العربية، والأنظمة العربية التي تمثلها، يمكن أن يجعل العالم يهتم بقتل "إسرائيل" للفلسطينيين؟ لا يوجد. إنما ما يمكن أن يحمي مليون ونصف مليون فلسطيني في قطاع غزة هو صمود هؤلاء وقدرتهم على الرد بأي شيء يملكون على عدوان الإسرائيليين.
لقد انتهزت "إسرائيل" انشغال العالم بالاحتجاجات في تونس ومصر واليمن وليبيا وغيرها، تارة بتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية على حساب أراضي الفلسطينيين أو حصار المدن مثل نابلس والخليل أو قتل المدنيين واعتقالهم، ناهيك عن القصف المستمر لقطاع غزة.
لذا نقول لك الله يا غزة، فالفضائيات مشغولة والشعوب العربية في انتفاضاتها المحلية وبقية العالم منافق. إنما السبيل الوحيد لمساعدة غزة ومحاولة وقف العدوان المستمر لقوات الاحتلال هو دعم سكانها بشكل مباشر وتعزيز قدرتهم على الصمود والمقاومة، كل بما يستطيع ولا تخشوا التهم الأميركية بدعم الإرهاب. فلا يمكن أن تسقط الانتفاضات العربية أنظمة القمع المحلية ولا تتجاوز القمع العالمي.
دعكم من الأنظمة والحكومات، ومن كل المبادرات والاجتماعات. فلا سبيل لردع العدوان إلا بإظهار القوة مع عدو لا يفهم أي لغة أخرى، قام كيانه على المجازر والحروب المستمرة وعمليات التطهير العرقي والاحتلال الاستيطاني. ولا عجب أن أشد أيام العدوان الصهيوني على غزة دوية كان يوم 8 أبريل، وهو ذات اليوم الذي قصفت فيه طائرات الصهاينة مدرسة بحر البقر الابتدائية في محافظة الشرقية بمصر عام 1970 فتقلت أكثر من ثلاثين تلميذاً من الأطفال الأبرياء. هل هذا عدو يعبأ بدعوة جامعة الدول العربية مجلس الأمن أن يفعل أي شيء؟
كاتب وصحفي عربي
صحيفة الوطن العمانية
 « رجوع   الزوار: 2470

تاريخ الاضافة: 14-04-2011

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
6 + 4 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركـن المقالات

«الأونروا» أمام اختبار العجز والهدر

آثار قاسية يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. ممنوعون من البناء في المخيمات والتملك خارجها

«كلاوس» تؤكد على أولوية إصلاح التعليم ورفع جودة التعليم في مدارس «الأونروا»

لاعب كويتي ينسحب من بطول المبارزة العالمية في بلغاريا

الشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد يفوز بجائزة مسابقة الكتابة الموجهة للطفل على مستوى العالم العربي 2023

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :287699
[يتصفح الموقع حالياً [ 132
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013