العربي الجديد: انتصار الدّنّان
شهد مخيّم شاتيلا للاجئين الفلسطينيين في العاصمة اللبنانية بيروت حدثاً غير معتاد، إذ نظّم "الملتقى الفلسطيني للشطرنج" انتخابات للأطفال لاختيار أعضاء الهيئة الإدارية للملتقى. ويتيح الأخير للأطفال تعلّم لعبة الشطرنج، كما يقدم دروس تقوية للتلاميذ. وشهدت الانتخابات تنافساً بين مجموعة من الأطفال لاختيار سبعة أعضاء لتولي مسؤولية إدارة الملتقى، ووضع خطط لتطويره، ومتابعة أعماله ونشاطاته كافة لمدة عام.
وخاض عشرة مرشحين من أعضاء الملتقى الفلسطيني للشطرنج هذه المعركة الانتخابية، ليتم انتخاب سبعة منهم. وأعدّ كل مرشّح مشروعه الانتخابي الذي يرغب في التقيّد ببنوده طيلة أيام السنة.
جواد سليم (10 سنوات) كان أحد المرشّحين الذين تمكنوا من الفوز في الانتخابات. وجاء في برنامجه الانتخابي: "أرشّح نفسي لانتخابات الهيئة الإدارية للملتقى الفلسطيني للشطرنج، وأحمل معي وعوداً أريد تنفيذها في حال فزت في الانتخابات، ومنها: أعدكم بأن أكون نافعاً لكم، وأن أحبكم، وألتزم بتطبيق قوانين الملتقى الفلسطيني للشطرنج وأهمها مقاطعة المنتجات الداعمة للكيان الصهيوني، وأقوم بنشاطات مؤيدة للقضية الفلسطينية".
كذلك، فاز المرشح أيمن الحسين (13 عاماً) بالانتخابات أيضاً. يقول: "أشعر اليوم، من خلال خوضي لهذه المعركة الانتخابية، بأنني مثل الكبار الذين يمارسون هذا الحق، علماً أننا محرومون منه كوننا أولاً صغاراً، بالإضافة إلى عدم قدرتنا على الانتخاب كوننا فلسطينيين. كما أن المشاركة في الترشح والانتخاب هي فرصة بالنسبة لي لممارسة العمل الديمقراطي".
وفي ما يتعلق بما يرغب في تحقيقه، يقول: لدي عدة مقترحات وهي: الاهتمام بنظافة الملتقى، وتقسيم الأعضاء إلى فريقين من أجل إنجاز الأعمال معاً. وتجهيز مكتبة تضم كتباً جديدة، مع تحديد يوم معين لقراءة القصص من قبل الأعضاء، وتعقيم الملتقى بشكل أسبوعي، والتأكد من الوقاية الصحية من خلال فرض التباعد الجسدي بين التلاميذ خلال دروس التقوية، ووضع الكمامات، وتعقيم الأيادي بشكل دائم. وعقد اجتماع للهيئة الإدارية الجديدة، لبحث تخصيص يوم مفتوح للرسم والموسيقى والشعر أو تحضير طعام وغير ذلك. وإعادة إحياء مسابقة الشطرنج، ومنح جائزة لكل فائز، بالإضافة إلى الاهتمام بتدريب الملتحقين بفرقة الدبكة، وتخصيص يوم في الشهر لتلاميذ الملتقى والتخطيط لنشاط خارج الملتقى، كالذهاب إلى المسرح، والالتزام بكل قرار يصدر عن مدير الملتقى. كذلك تشجيع كل عضو من أعضاء الملتقى على إبداء رأيه في أي موضوع لرئيس الهيئة الإدارية من أجل تحسين الملتقى.
أما المرشحة ريما زكور، التي لم يحالفها الحظ، فجاء التالي في برنامجها الانتخابي: "أتمنى أن تنتخبوني، وسأهتم بتنظيف مركز الملتقى، وأكون سنداً للتلاميذ وأعضاء الملتقى، وأهتم بأنشطته. سنكون عائلة واحدة وسنعمل يداً واحدة".
في هذا الإطار، يقول مدير الملتقى محمود هاشم: "ما نقوم به خطوة من أجل تكريس النظام الديموقراطي بين الأعضاء، والاعتياد على فكرة الانتخابات، وهي خطوة قل نظيرها ولا نراها في المخيمات. فقد حضر 58 عضواً من أعضاء الملتقى للإدلاء بأصواتهم وانتخاب من يعتقدون أنه قادر على تحقيق أهدافهم وآمالهم، علماً أنه بعد فرز الأصوات بكى من لم يحالفه الحظ. وخلال فرز الأصوات كان جميع من في القاعة يترقبون نتائج الفرز بشيء من الشغف".
يشار إلى أن الأطفال لا يتمتعون بالكثير من الحقوق في المخيمات. وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف"، ما زالت الممارسات التأديبية العنيفة شائعة بحق الأطفال، وتؤثر على 81,7 في المائة من الأطفال الفلسطينيين اللاجئين في لبنان، و77 في المائة من الأطفال الفلسطينيين اللاجئين من سورية. كما يخضع 8 من كلّ 10 أطفال فلسطينيين للتأديب العنفي.