بدل أن تعمل على «إغاثة» اللاجئين الفلسطينيين و«تشغيلهم»، تدفع وكالة «أونروا» في لبنان بأكثر من 300 طالب في المرحلة الثانوية في مخيم برج الشمالي (صور) إلى التسرّب المدرسي، جراء حرمانهم من ثانوية داخل المخيم، وإجبارهم على التوجه إلى ثانوية الأقصى في مخيم الرشيدية الذي يبعد 7 كيلومترات. معظم أهالي الطلاب مزارعون مياومون، لا قدرة لهم على تسديد كلفة الباص المدرسي التي لا تقلّ عن مليون ليرة شهرياً للطالب. مع ذلك، أدارت الوكالة الأذن الصمّاء لمناشدات الأهالي، و«تواطأت»، على ما يقول رئيس جمعية الحولة في المخيم محمود الجمعة، مع الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية والأهلية والاتحاد العام للمعلمين الفلسطينيين للتعتيم على تحركات الأهالي المطالبين باستحداث صفوف للمرحلة الثانوية داخل مدارس المخيم الثلاث التي تضمّ غرفاً شاغرة ومجهّزة، فيما يتوجه أكثر من 25 أستاذاً ثانوياً يومياً من برج الشمالي إلى مخيمَي البص والرشيدية.
مطلب الأهالي ليس وليد الأزمة الاقتصادية، والارتفاع في كلفة النقل فحسب، كما يقول مروان إبراهيم، وهو والد لطالبين ثانويين، إذ «نطالب منذ أكثر من خمس سنوات إدارة الأونروا بمدرسة ثانوية في مخيم برج الشمالي بسبب الكلفة المرتفعة، والساعات الطويلة التي يقضيها الطلاب في طريقهم إلى المدرسة، ما يرهقهم جسدياً ونفسياً ويضيّع وقتهم، عدا العوائق التي يواجهونها بسبب الحواجز على مداخل المخيمات، وعدم استقرار الأوضاع الأمنية، وإقفال الطرقات نتيجة الاحتجاجات الشعبية». اليوم، صار إرسال الطلاب إلى مدرسة خارج المخيم «مستحيلاً»، وفق إبراهيم، نظراً إلى «التعرفة الخيالية» التي يطلبها أصحاب الباصات.
أهالي طلاب المرحلة الثانوية أسّسوا لجنة متابعة، وبعثوا برسائل إلى المدير العام لـ«أونروا» كلاوديو كوردوني، شرحوا فيها حاجتهم الملحّة إلى استحداث صفوف ثانوية، لكنّ أياً من الجهات المسؤولة لم تعر اهتماماً للمطلب، بحسب جمعة الذي سأل عن تجاهل شؤون مخيم أثبتت الدراسات الميدانية التي أجرتها وكالة «أونروا» بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت أنه من أفقر مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.
إلى ذلك، نظّم أهالي الطلاب تظاهرات داخل المخيم ولقاءات مع سكانه، قرّروا في ضوئها عدم إرسال أي طالب إلى ثانوية خارج المخيم. وهدّدوا بالتصعيد، وعدم إرسال طلاب المرحلة الابتدائية والمتوسطة في المخيم إلى مدارسهم إذا لم يتحقق مطلبهم. «الأخبار» تواصلت مع أحد أعضاء اتحاد المعلمين لتسأله عن سبب غيابهم عن هذا الملف وإثارة نقمة الأهالي، فقال إنها مسؤولية الفصائل واللجان، و«الاتحاد كان ينتظر دعوة خاصة من الأهالي للتنسيق معه خصوصاً أن هناك قضايا وملفات أخرى تشغلنا». المفارقة أن عضو الاتحاد لم يكن يعلم بأمر تحركات الأهالي في مخيم برج الشمالي، مشيراً الى أنه قرأ منشوراً على «فايسبوك» و«أيّد هذا الطرح الذي يسهّل العملية التعليمية على الطلاب»، لكنه لم يتابع الموضوع.