اظهرت دراسة استبيانية، أجرتها جمعيّة " ديارنا" في مخيّم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور جنوب لبنان، ضرورة أن تستجيب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" لأهالي المخيّم وتنفيذ مطلبهم المتمثّل ببناء مدرسة ثانويّة، نظراً لأهميّته الكبيرة التي بينتها النتائج بالنسبة للطلاب، وما يرتبّب عليه غيابها من متاعب اقتصادية ونفسيّة تؤثّر على مستواهم التعليمي.
وبحسب الدراسة الموجّهة إلى وكالة "الأونروا" للنظر في مطلب إنشاء مدرسة ثانوية داخل المحيّم، فإنّ النسبة الأكبر من طلبة الثانوية موجودة في مخيّم برج الشمالي للاجئين الفلسطينيين، إضافة إلى كونه كغيره، يحتوي على نسبة عالية من الشبّان والشابات الذين سيبلغون المرحلة الثانوية في السنوات المقبلة.
وبيّنت الأرقام، أنّ نحو 95.5% من طلبة الثانوية في مدرسة الأقصى بمخيّم الرشيديّة يسكنون في مخيّم برج الشمالي، فيما بيّنت النتائج أنّ العائلات المستبينة والتي يتراوح عدد أفراد عائلاتها بين 5 إلى 7 أفراد تشكّل 68.6% من مجموع العائلات في المخيّم، وتشكّل العائلات التي عدد أفرادها بين 2 إلى 4، 7.5%، والعائلات بين 8 إلى 10 أفراد تبلغ نسبتها 16.4%، ما يشير إلى أنّ المزيد من طلبة الثانوية سيتخرج من تلك العائلات وستحتاج إلى مدرسة داخل المخيّم.
تكاليف نقل كبيرة ومعظم أرباب الأسر عمّال مياومون
وتعاني أسر هذه الطلّاب من متاعب اقتصاديّة كبيرة، وخصوصاً في ظل الانهيار الاقتصادي اللبناني وانهيار قيمة العملة، وانخفاض القيمة الشرائيّة للأجور، ولا سيما قيمة الخدمات وعلى رأسها المواصلات التي تشكّل هاجساً كبيراً لتلك الأسر.
وبيّنت نتائج الدراسة، أنّ 85% من طلبة الثانوية في مخيّم برج الشمالي، يستعملون الباص كوسيلة نقل للوصول إلى مدارسهم، يتكبّد قرابة %41 منهم، ﯾﻘﻮﻟﻮن بين30 إﻟﻰ 40 أﻟﻒ ﻟﯿﺮة ﻟﺒﻨﺎﻧﯿﺔ ﺑﺎﻷﺳﺒﻮع اﻟﻮاﺣﺪ، و 16.4% يتكبّدون بين50 أﻟﻒ ﻟﯿﺮة ﻟﺒﻨﺎﻧﯿﺔ إﻟﻰ 60 أﻟﻒ ﻟﯿﺮة ﻟﺒﻨﺎﻧﯿﺔ وﺗﻌﺘﺒﺮ ھﺬه اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ ﺑﺎھﻈﺔ ﺟﺪاً حسبما خلصت الدراسة، استناداً إلى تدني قيمة الأجور وطبيعة الأعمال التي يزاولها أرباب الأسر في المخيّم.
وفي هذا الجانب، بيّنت الدراسة، أنّ 62% من أرباب أسر طلبة الثانوية في مخيّم برج الشمالي، هم من العمّال المياومين، ﺗﻠﯿﮭﺎ ﻧﺴﺒﺔ اﻷﻓﺮاد اﻟﺬﯾﻦ ﻟﺪﯾﮭﻢ أرﺑﺎب أﺳﺮ ﻋﺎطﻠﻮن ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﻌﺪل ﺑﻠﻎ %22.4، و 7.4 % يعملون في الأعمال الحرّة، نسبة %6 يعملون في قطاع الزراعة. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ الحد الأدنى للأجور اليومية لا يصل إلى 40 الف ليرة لبنانية، وسط نسب فقر تجاوزت 90% في مخيّمات لبنان.
وإلى جانب المتاعب الاقتصاديّة التي تخلقها المواصلات، فإنّ54.1 % ﻣﻦ اﻟﻄﻼب اﻟﺬي يقولون، إنهم يتأخرون ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺎﻓﻠﺔ اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ، ما يؤثر على التحاقهم بالدوام وتركيزهم الدراسي.
وبحسب الدراسة، فإنّ الطلبة تحدثوا عن ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻹﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ، اﻹﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ، اﻟﻨﻔﺴﯿﺔ وﻏﯿﺮھﺎ، وخصوصاً في تأمين المواصلات بسبب شحّ البنزين التي تعصف بلبنان وتؤثّر بشكل حاد على اللاجئين الفلسطينيين.
كما عبّر الطلبة وأسرهم، عن مخاوف متعددة جرّاء الذهاب إلى خارج المخيّم، ومنها يتعلّق بالأوضاع الأمنية التي يشهدها مخيّم الرشيدية الذين يقصدون مدرسته، وأخرى تتعلّق بالاكتظاظ الطلّابي داخل صفوف ثانوية الأقصى ولا سيما في ظل انتشار أمراض وأبرزها " كوفيد _ 19" ومرض الصفير الذي انتشر في العام 2019، وسواها من المخاوف ولا سيما التي تتعلّق بالطالبات الإناث، الذين تبلغ نسبتهم 34% من عموم الطلبة.
يذكر، أنّ آخر مطلب تقدّم به الأهالي لإنشاء مدرسة ثانوية، كان مطلع شهر أيلول/ سبتمبر الجاري، خلال اجتماع لهم، حيث طالبوا الوكالة بإيجاد عاجل لمسألة غياب مدرسة ثانويّة في المخيّم، نظراً لما يرتبّه ذلك من أعباء ماديّة خصوصاً في ظل أزمة الانهيار الاقتصادي اللبناني وانعاكاساتها على اللاجئين الفلسطينيين.
وكان نشطاء من أبناء مخيّم برج الشمالي كانوا قد أطلقوا عريضة مطلبيّة موجّهة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا" في تموز/ يوليو الفائت تطالبها ببناء مدرسة ثانوية في المخيّم، تحت عنوان " حقنا بمدرسة ثانويَّة في مخيم البرج الشمالي. محذّرين بذات الوقت من "كارثة تعليمية وطنيّة" قد تلحق بالطلبة في حال استمرار غياب مدرسة ثانوية في المخيّم.