صور، لاجئ نت
أصدرت لجنة المتابعة العليا للجان الأهلية في المخيمات والتجمعات الفلسطينية تقريراً مفصلاً حول أسباب تدني نتائج النجاح في مدارس وكالة «الأونروا» في امتحانات الشهادة المتوسطة للعام الدراسي 2018/2019 وذكرت الجهات التي تتحمل المسؤولية وكان التقرير على الشكل التالي:
منذ فجر النكبة لم يجد الشعب الفلسطيني بعد أن فقد أرضه وممتلكاته وعاش مشردا في الدول المضيفة ملاذا سوى تعليم أبنائه، لأنهم الثروة الحقيقية التي بقيت له ويمكن أن تعوضه مرارة النكبة واللجوء، فكرس جل جهده واستثماراته في تعليم أبنائه، وبذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيق هذه الغاية..... وخيرا فعل فقد خرّج أطباء ومهندسين ومدرسين وتقنيين ومهنيين، ساعد ذلك في تحسين ظروف عيشهم وخفف بعض الشيء من معاناتهم. وكان ذلك مثار فخر للاجئين الفلسطينيين بأن لديهم أعلى نسبة تعليم وأقل نسبة أميّة في العالم العربي.
وللموضوعية نقول أن وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وفرّت التعليم الأساسي للاجئين الفلسطينيين " التعليم الإبتدائي والمتوسط " منذ بداية الخمسينات من القرن الماضي والذي ابتدأ في الخيم، انتقالا إلى غرف صفية أسقفها من الصفيح أو الإسبيستوس ، وحقق نتائج نجاح كانت مميزة سواء في امتحانات الشهادة الإبتدائية " السرتفيكا" أو في الشهادة المتوسطة " البريقيه " رغم أن المدرسين في تلك الفترة نادرا من كانوا يحملون مؤهلات جامعية.
ورغم الظروف القاسية سواء الإقتصادية منها أو الأمنية التي مرت بها المخيمات الفلسطينية في لبنان إلا أن مستويات التعليم حافظت على مستواها بشكل عام ، خصوصا أن العملية التعليمية في مدارس الاونروا كانت تُتابع بشكل دائم من قبل "مفتشين" كان لهم الحضور الدائم بشكل أسبوعي أو شهري في مدارس الأونروا من خلال متابعة المدرسين وأدائهم وكذلك المناهج التعليمية ومدى تغطية المدرسين لها خلال العام وآليات تقييم الطالب. كما كان لمدراء المدارس الوقت الكافي للإطلاع على كراسات تحضير المدرسين وكذلك الحضور معهم في الغرف الصفية وتقديم التوجيهات المناسبة لهم. وكثيرا ما كان يتم إحضار طلاب الشهادات الرسمية إلى المدارس في أيام العطل الأسبوعية إما لتحسين المستوى العلمي لديهم أو لسد ثغرة في مادة أو منهاج ما. والسؤال أين مدارس الأونروا من ذلك الآن؟؟؟
إن المتابع لأداء الأونروا خلال السنوات الأخيرة خصوصا بعد العام 2015/2016 وبعد الخطوات التقشفية الحادة ولا سيما في قطاع التعليم، يجد ان الكثير من الإجراءات والخطوات الغير مدروسة والتي أقرتها إدارة التعليم في الاونروا بعد هذه الفترة قد يكون له التأثير السلبي المباشر أو الغير مباشر على مستويات التعليم في مدارس الأونروا وخصوصاً على نتائج الشهادات الرسمية ومن هذه العوامل ما يلي:
أسباب مباشرة:
1- القرار باعتماد سياسة الترفيع الآلي الجديدة والتي بدأ تطبيقها منذ سنتين وتخفيض نسب الرسوب إلى أدنى حد ممكن حيث تم إلغاء الرسوب في الحلقة التعليمية الأولى " من الصف الأول حتى الصف الثالث ابتدائي" وهذه المرحلة هي التي فيها يتم تأسيس الطالب وتعليمه أسس القراءة والكتابة ، هذه السياسة الغير مدروسة تحت عنوان تخفيض نسبة التسرب المدرسي سببت وصول الكثير من الطلاب إلى الحلقة الثانية من التعليم الاساسي يعانون من الأميّة الحقيقية، فضلا عن تخفيض نسب الرسوب في بقية مرحلة التعليم الأساسي والتي جاءت على الشكل التالي:
- الصفوف الرابع والخامس والسادس: نسبة الرسوب يجب ألا تتعدى 6%.
- الصفوف السابع: نسبة الرسوب يجب ألا تتعدى 7%.
- الصف الثامن: نسبة الرسوب يجب ألا تتعدى 10%.
- الصف التاسع يتم الإعتماد على نتائج الشهادة الرسمية المتوسطة
- الصف العاشريجب أن لا تتعدى نسبة الرسوب 9%
- الصف الحادي عشر يجب أن لا تتعدى نسبة الرسوب 5%
- الصف الثاني عشر يتم الإعتماد على نتائج الشهادة الثانوية الرسمية.
2- القرار بأن يكون سقف عدد الطلاب في الغرفة الصفية الواحدة 50 طالبا ومعظم مدارس الاونروا يتراوح عدد الطلاب في غرفها الصفيّة بين 43 وصولا حتى 50 طالبا وهذا يعني أن المدّرس ليس لديه الوقت الكافي لمتابعة أداء التلاميذ بشكل فعال، بالإضافة إلى عدم تمكنه من تطبيق وسائل التعليم الحديثة التي تعتمد على نظام المجموعات وتجنب أساليب التلقين والحفظ.
3- فرض مدونة سلوك " code of conduct " في مدارس الأونروا عنوانها عدم إستخدام وسائل عنيفة ضد الطالب المقصر في تحصيله العلمي أو الغير منضبط سلوكيا، وتهديد المدرسين بإخضاعهم للمساءلة والتحقيق وصولا إلى التوقيف المؤقت عن العمل أو الفصل من الوظيفة في حال وصلت شكوى لقسم الحماية في الاونروا سواء من الطالب او من أولياء الأمور أو من جهات معنية اخرى في حال أقدم أي معلم أو معلمة على محاسبة التلميذ على تقصيره أو محاولة تقويم سلوكه ، وهذه القيود كان لها أثرها السلبي على دافعية المعلم وعلى رغبته في بذل مجهودات إضافية. وحوّل دور المدير ومساعدوه من مشرفين تربويين إلى متابعة المشاكل المسلكية للتلاميذ.
4- اعتماد آليّة تقييم جديدة للطلاب من خلال تطبيق برنامج Emis والذي استبدل الإمتحانات الشهرية الدورية للطلاب بامتحانات فصليّة، والتركيز على ما يسمى علامات السعي اليومي أو الإسبوعي والتي تشمل على المشاركة اليومية والحضور والغياب والإنضباط والإختبارات الأسبوعية المحددة تحت مسمى quizzes والأنشطة اللاصفية ، وهذه الآلية أثبت عدم جدواها لإيهامها الطالب وأهله بأن مستواه العلمي جيد، وأنه ينجح ويُرفع من فصل إلى آخر ومن صف إلى صف أعلى في حين أنه يتم تقييم مستواه العلمي في الإمتحانات الرسمية من خلال ما يتم كتابته فعليا في كراس الإجابة فقط.
5- عدم توفير مدرس بديل في حال غياب المدرس الأساسي للصف بشكل متكرر وخصوصا أن ما نسبته 65% من المدرسين في مدارس الأونروا أصبحوا من الإناث نتيجة إتباع الأونروا لسياسة جندرة الوظائف ،ومعظمهن متزوجات ويحتجن إلى إجازات للولادة Maternity لا تقل عن 60 يوما، والتأخر لاحقا في توفير مدرس بديل لها أثناء ولادتها بالإضافة إلى كثرة غيابها لاحقا لرعاية وليدها ويبقى الطلاب بلا مدرسين خلال فترة غيابهن. فضلا من أن تغيير المدرس الأساسي قد يكون له تأثير سلبي على تحصيل الطالب العلمي نتيجة التغير في ألأسلوب بين مدرس وآخر.
6- النقص الكبير والواضح في عدد الموجهين والمشرفين والخبراء التربويين بعد ان تم تحويل الكثير منهم إلى مركز التطوير التربوي بفروعه المختلفة من وحدات تطوير المناهج ، ودائرة التقويم التربوي ، ووحدة جودة التعليم، ومنسقي وحدات الدعم الدراسي، وغيرها، ولا يحضر أحدهم إلى أيّة مدرسة إلا حيث تدعو الحاجة الضرورية لذلك فقط ، وترك الإشراف والتوجيه لمدير المدرسة الذي ليس لديه الوقت الكافي لمتابعة الشؤون الإدارية وضبط سلوك الطلاب في ظل الإزدحام في الغرف الصفية وفي المدرسة عموماً.
7- تحويل الكثير من المدرسين من ذوي الخبرات والكفاءات العالية إلى وظائف إدارية ليست بذات أهمية والإستعانة بمدرسين حديثي التخرج والخبرة.
8- إنفاق مبالغ كبيرة وبشكل غير مدروس على برامج يُتوقع أن تُحسن جودة التعليم مثل برنامج SMS وبرنامج Eper وبرنامج SBTD وكذلك برنامج LFTF لتطوير قدرات المدرسين والمدراء ومساعديهم وهذه البرامج جميعها لم يُلحظ لها الأثر في تحسين جودة التعليم وكان بالإمكان الإستعانة بالاموال التي هُدرت جزافا عليها سد العجز بتوظيف خبراء والمشرفين التربويين في جميع المناطق.
9- تعاقد الأونروا مع مدرسين مياومين أو بعقود سنوية بدل المدرسين الذين تقاعدوا وتغييرهم بين الحين والآخر وانعكاس عدم تثبيتهم على أدائهم.
10- عدم متابعة الكثير من الأهالي للتحصيل العلمي لأولادهم بسبب عدم قدرتهم على التماشي مع المنهجية الجديدة في التعليم، وزيادة أعباء الحياة الإقتصادية عليهم.
أسباب غير مباشرة :
1- تشكيل برلمانات طلابية شكلية في المدارس مسلوبة الصلاحيات تجهل في معظم الأحيان دورها ومهماتها.
2- تشكيل مجالس أهل صوريّة في المدارس يتم تجميعهم بشكل عشوائي تنقصهم الخبرة والدراية بالقضايا التربوية وكيفية معالجتها.
3- عدم تعاطي الأونروا الجاد مع اللجان الشعبية والأهلية ومطالباتهم المتكررة حول تصحيح او تعديل أو استدراك خلل ما في العملية التربوية.
4- الأحداث الأمنية في بعض المخيمات "عين الحلوة والمية ومية وشاتيلا" نموذجاً وتأثيرها على انتظام العملية التعليمية في تلك المخيمات فكثيرا ما تم إغلاق المدارس ولأيام متعددة بسبب المشاكل الأمنية المفاجاة والمتكررة.
5- إنتشار وسائل اللهو بشكل كبير في المخيمات في المدن وغيرها وخصوصا الألعاب الإلكترونية وأخذها حيزا كبيرا من وقت الطالب ومتابعته لدروسه.
التوصيات
1- ضرورة عقد ورشة تقييم تربوية من قبل إدارة التعليم في الأونروا لإلغاء ما تم اتخاذه من قرارات وسياسات غير مدروسة بخصوص الترفيع الآلي وكذلك آليات تقييم الطالب Emis تلافيا لتكرار ما حدث هذا العام.
2- توظيف عدد كاف من الخبراء التربويين والذين تدّرجوا بالتسميات والمصطلحات لدى الأونروا من "مفتش إلى موجه إلى مشرف إلى خبير تربوي " في جميع المناطق للنهوض الفعلي بالعملية التربوية من خلال متابعة أداء المدرسين والطلاب سويا، فلا يجوز أن يعين خبير تربوي لأكثر من منطقة "مثلا خبراء مواد الإجتماعيات لمنطقتي صيدا وصور نموذجا" وأن يترك لمدير المدرسة الإشراف الإداري ومتابعة القضايا المسلكية للطلاب.
3- ضرورة العمل على توفير مدرسين بشكل كاف، وعدم التأخر في توفير مدرس بديل حال غياب المدرس الأصيل لمدة تتجاوز الأسبوع.
4- إعادة تفعيل الدروس الإضافية في أيام العطل الأسبوعية وخصوصا لطلاب الشهادات الرسمية لسد الفجوة والتتقصير في أي مادة من المواد الدراسية.