على الرغم من حداثة عمرهما فإن الصديقين قيس لافي وسعيد أبو غليون يحلمان باقتفاء أثر النجم المصري محمد صلاح نجم ليفربول وهدافه الذي أصبح "قدوة" للأطفال العرب عموما، وفي غزة خصوصا.
وبعد سنوات من سيطرة اللاعب الأرجنتيني ليونيل ميسي، والبرتغالي كريستيانو رونالدو على قلوب مشجعي كرة القدم حول العالم نجح صلاح كأول لاعب عربي في أن يزاحم النجمين في خطف قلوب وعقول عشاق الساحرة المستديرة في العالم العربي.
ويحلم قيس (13 عاما) بالسير على الطريق نفسها التي سلكها صلاح في مشواره الكروي، والاحتراف يوما في أحد الفرق الأوروبية الكبرى.
لكن قيس بدا أكبر من عمره، وأظهر وعيا كبيرا بالواقع الصعب في غزة، وقال إن "الحصار يقتل أحلامنا كما يقتل كل شيء في غزة، ولكن تبقى كرة القدم أملنا في كسر هذا الحصار، وإظهار قدراتنا ومواهبنا للعالم".
ومنذ أن أدرك عشقه لكرة القدم يشجع قيس نادي برشلونة ويعتبر الأرجنتيني ليونيل ميسي قدوته، لكن النجاح الكبير الذي حققه صلاح في الموسم الماضي جعله لاعبه المفضل.
ولم يكن لنادي ليفربول الإنجليزي مشجعون في غزة، غير أن تألق صلاح في صفوفه وحصده جوائز فردية عدة جعلا له شعبية كبيرة في غزة.
ويقول قيس إن "صلاح قدوتي.. هو لاعب ممتاز وأخلاقه عالية، وأتابع كل أخباره يوميا، وهو كريم ويتبرع للفقراء في بلده، وأتمنى أن أصبح مشهورا مثله كي أساعد أهلي وأقاربي والفقراء في غزة".
وتشجع والدة قيس نجلها على الالتزام بتدريباته في "نادي المشتل الرياضي" في غزة الذي نجح في اختباراته وتم قيده على سجلاته لدى الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.
وتتمنى أن "يلحق نجلها بصلاح ويجاوره في الملعب، ويحقق ما حققه، وينتشلنا من هذا الواقع الصعب".
وهنا قاطعها قيس، وقال وهو يضحك: سأشتري لك ولكل واحد من أخوتي فيلا وسيارة، لكن المهم أولا أن أسافر خارج غزة.
وفيما جرب قيس السفر مرة واحدة برفقة أسرته في رحلة صيفية إلى مصر لم يسبق لصديقه سعيد أبو غليون (12 عاما) وأسرته المكونة من سبعة أفرد أن غادروا القطاع.
ويشجع سعيد ريال مدريد، إذ استمر لسنوات معجبا بتألق النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، لكنه يظهر حبا كبيرا لصلاح، ويحلم بأن يصبح لاعبا كبيرا مثله.
ويقول سعيد للجزيرة نت "صلاح مؤدب ومتدين، ولا يسبب المشاكل في الملعب، وكرهت (مدافع ريال مدريد سيرجيو) راموس عندما تسبب في إصابته بنهائي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي".
ويحلم سعيد في السفر خارج غزة، والالتحاق بأحد الأندية التي تفتح له المجال للاحتراف وإظهار قدراته الكروية، ويختم حديث بأمنية كررها كل الأطفال التي التقت بهم الجزيرة نت "أريد أن أصبح لاعبا مشهورا وغنيا وأساعد أسرتي كي تعيش حياة حلوة".
وقال عضو الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إسماعيل مطر إن نجاح لاعبين عرب في الدوريات الأوروبية الكبرى -وأبرزهم صلاح- زاد عشق الأطفال للعبة كرة القدم، وساهمت أكاديميات كرة القدم التي انتشرت في غزة خلال السنوات الماضية في زيادة عدد الأطفال الذين يمارسون هذه اللعبة، إضافة إلى تشجيع الأهالي أطفالهم على ممارسة كرة القدم رغبة منهم في رؤيتهم لاعبين مشهورين.
وأكد مطر وجود مواهب حقيقية في غزة، وإذا ما وجدت الرعاية اللازمة، وإذا تم استغلال أكاديميات كرة القدم بالطريقة الصحيحة فإن هذه المواهب ستصبح هي مستقبل كرة القدم الفلسطينية.
وفسر مطر الإقبال الكبير من أطفال غزة على اللعبة الشعبية الأولى في العالم بأنهم "يرون فيها الأمل للخروج من الواقع الصعب، والانطلاق نحو الحرية والأضواء في الخارج".
ويكشف الصحفي الرياضي أشرف محمد أن "كثيرا من المواهب دفنت في غزة، ولم يعلم بها أحد، بسبب الحصار وإجراءات الاحتلال، لكن في الآونة الأخيرة أصبح هناك محترفون من غزة، خصوصا في الدوري المصري، حيث نجحوا في إرسال فيديوهات تظهر موهبتهم، وتم التعاقد معهم، وأبرزهم محمود السلمي الملقب بـ"ميسي غزة" ويلعب في النادي الأهلي، وحامد حمدان في نادي الإنتاج الحربي، ومحمود وادي ومحمد صالح ويلعبان في صفوف النادي المصري".
وعن مدى ملاحظته لتعلق أطفال غزة بصلاح، قال الصحفي الرياضي إن "صلاح متواضع، قطع طريق الاحتراف من بدايته، لاعب من أسرة مصرية متواضعة، وتعرف عنه أعماله الخيرية، لذلك تجده قدوة لأطفال غزة".
المصدر: الجزيرة