محمد السعيد/ خاص- لاجئ نت
إن أبصرت عيناك منظراً جميلاً فإنك لا إرادياً تحدق فيه، ولا يكاد يرتد إليك طرفك.. وإن شم انفك رائحة الريحان فإنك ستأخذ نفساً أعمق من سابقه، وترجع الكرّة مرتين لما ترى من سرور، وعلى النقيض إذا كان الذي تراه القمامة! وما تستنشقه رائحتها، وضحيتها الأولى أطفال مدرستي جباليا والصرفند في مخيم البرج الشمالي شمالي مدينة صور في لبنان.
هذه النفايات وباء لا يهددنا نحن بقدر ما يهدد أبناءنا الذين يستنشقون هواءً ملوثاً بالجراثيم يومياً دون إكتراث فصائلي ومؤسساتي على حدٍ سواء، ومن هنا كان هناك تحرك شبابي الأحد الماضي (22/4) مساءاً بعنوان " كأنهم يستنشقون سُمهم"، حيث تجمع مجموعة من شباب المخيم بعد لقاءات فردية لبحث ابرز المشاكل الإجتماعية واليومية التي تواجه مجتمعنا داخل المخيم، إلا ان المشكلة الابرز التي اجمع الشباب التصدي لها هي أزمة النفايات امام المدارس.
حيثُ أقيم لقاء شبابي امام النفايات في شارع المدارس، وقد تحدث الشباب في اللقاء على ان هذه المشكلة تستهدف معْلم تربوي وثقافي والركيزة الأساسية لمجتمعنا الفلسطيني وهي آخر ما تبقى لأجيالنا من أمل، والسلاح الوحيد المجدي والفعال الذي يمتلكه اجيالنا القادمة داخل المخيم..
فـتجميع النفايات بهذا الشكل امام المدارس فعل غير مقبول حضارياً وبيئياً وصحياً مما يتسبب بأضرار لأطفال المدارس وبالتالي ينعكس سلباً على مسار التعليم، وقد لوحظت اكتر من حالة سُجلت داخل إحدى الصيدليات ان الامراض الجلدية تنتشر وبشكل واسع وتستهدف طلاب جباليا والصرفند خاصةً دون معرفة السبب من قبل الاهالي، الامر الذي يستدعي متابعة جدية من قبل المعنيين.
وقد اكد القيّمين على هذا التحرك الشبابي انه سيكون سلمياً متعاوناً مع الجميع سواء فصائل او مؤسسات، جمعيات او لجان شعبية اذا كان الهدف هو حل ازمة النفايات امام المدارس وحمايتها، وهذا التحرك لا يميل الى العنف وأي محاولة لإقفال المدارس ما هو الا مساعد لهدم المنظومة التعليمية، ولا ننسى ان الهدف الصهيوني الأول هو النيل من تلك المؤسسات وخاصة التعليمية منها لكي ينشئ اجيالاً جاهلة غير مثقفة وغير مستقرة لإثارة النزاعات فيما بينهم.
وهذا نوع من أشكال المقاومة التي نتصدى للعدو بها لا تقل أهمية عن تصدي شعبنا في فلسطين ومقاومتهم للعدو.
هذا وقد أنهى الشباب التحرك الأول حيث أكدوا أنه سيكون تصاعدي إذا لم يتم حل المشكلة وأن الحلول مفتوحة، وهذه مسؤولية القيّمين على مخيّمنا سواءً الفصائل او اللجان الشعبية او الموظفين في الانروا المختصين بهذا الشأن فمن واجبهم أن ينتجوا حلولاً لهذه المشكلة.
لم بقف الأمر عند هذا بل اصبحت مدارسنا قاعة للمناسبات ومواقف للسيارات حيث تقام الحفلات على اختلافها في ملاعب المدارس.
ومن هنا نصدر صرخة لا بد منها، وهي ليست للقمة دون القاعدة، بل للجميع على حدٍ سواء، ونطالب جميع الفصائل الفلسطينية والمؤسسات الاهلية العاملة في المخيم واللجان الشعبية والاهلية بايجاد مكان مناسب لتجميع النفايات بعيداً عن المدارس والمراكز الصحية.
ونطالب مؤسسات المجتمع المدني بالعمل على نشر ثقافة المحافظة على النظافة والاملاك العامة والتوقف عن رحم تلك المؤسسات لما تقدمه من خدمات ومعونات. فالنتضامن من أجل مستقبل أبناءنا وشبابنا لأن حياتهم ليست أمراً يمكن التلاعب به، فيتوجب على المعنيين إيجاد حل مناسب.