انتقل شيخنا إلى رحمة الله تعالى في يوم عرفة1431 هـ, الشيخ محمد نمر الخطيب عن عمر يناهز المائة عام في المدينة المنورة (عشية عيد الأضحى المبارك الموافق لـ16/11/2010 من الميلاد) هذا وقد صلِّي عليه فجر الأربعاء فى المسجد النبوي الشريف ودفن في البقيع. والشيخ نمر الخطيب علم من أعلام فلسطين وربمايكون آخر تلاميذ القسام رحمهما الله وللشيخ حياة حافلة بالجهاد؛ بالنفس والقلم والحنجرة والمال. لم يأل جهداً في الدفاع عن فلسطين وأهلها أمام الملوك والرؤساء والأمراء، ما ضعف أمامهم أو هادن أو راوغ ، وما باع دينه لا لكبير ولا لصغير، لا لدنيا ولا لجاه. ولما قدم القسام على أرض فلسطين كان الشيخ من تلاميذه المقربين فقرأ عليه وتتلمذ عنده، ولما استشهد القسام عام 1935 كان شيخنا شابا يافعا، وبالرغم من صغر سنه إلا أنه هو الذي تولى أمر الدفن. ففي مساء اليوم ذاته، تم نقل جثامين الشهداء إلى حيفا حيث تم تسليمها إلى المسؤولين عن اللجنة الإسلامية في جامع الاستقلال( التي كان الشيخ القسّام رئيساً لها) حيث تولى الشيخ محمد نمر الخطيب عملية تنظيم مراسيم الجنازة والدفن بالرغم من المخاطر التي كانت تحدق بالبلاد. وفي عام 1936م قامت ثورة الشعب العربي في فلسطين فقام الشيخ بالمشاركة في الثورة ضد الاحتلال الإنجليزي والغزو الصهيوني، فاعتقل في حيفا، ثم أطلق سراحه. ولمّا عُين مدرساً في معهد البرج في عكا اعتقل مرة أخرى ثم أطلق سراحه. وفي عام 1939 م خاض معارك أخرى وجُرح فيها، عام 1948 م كان من السابقين لتعريف الناس بالخطر اليهودي القادم وذلك قبل النكبةفطاف كثيرا من البلاد مجتمعا مع الأعيان والزعماء حاثهم على البذل والعطاء والجهاد. أول من ذكر مجزرة الطنطورة في كتابه من " أثرالنكبة" عام 1951 حسبما روي عن مروان اليحيى أحد الناجين من المذبحة، وصف ما حصل على أساس أن هناك مجزرة ومن المؤسف أن الإعلام العربي لم ينتبه لها إلا عام 2000 م عندما ذكرها أحد الباحثين اليهود!! ساهم في الحركة الجهادية والأدبية في العراق حتى عده يونس السامرائي واحد منهم إذ ترجم له في كتاب: تاريخ علماء بغداد ،مطبعة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، نظرا للخدمات الجليلة التي قدمها في العراق. بعد النكبة لم يهدأ،فطاف كثيرا من البلدان العربية والإسلامية داعيا ومجاهدا وشارحا مخططات الصهاينة وخطرها على العالم كله. قام بتدريس العلوم الإسلامية بكلية الشريعة والآداب ببغداد ، ومعهد الدراسات والبحوث العالية بتونس، والجامعة الإسلامية بليبيا. وأخيرا طاب له المقام في المدينة المنورة مجاورا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذلكسنة 1400 من الهجرة الموافقة لـ 1980 من الميلاد وهناك درَّس في الجامعة الإسلامية بقسم الدراسات العليا وأشرف على العشرات من رسائل الماجستير والدكتوراة ،ثم درسفي كلية التربية بالمدينة المنورة، وبعد تركه الوظائف الرسمية فتح داره ومكتبته العامرة لطلاب العلم ومُحبِّي المعارف على أنواعها. وكانت داره في المدينة المنورة منتدى لأهل العلم والفضل، وتربطه بعلماء العالم الإسلامي ورجال الدعوة الإسلامية روابط وثيقة وأواصر وشيجة. من مؤلفاته: 1- من هدي القرآن. 2- أحداث النكبة. 3- من أثر النكبة. 4- الإيمان طريقنا إلى النصر. 5- المدخل لدارسة النطق. 6- حقيقة اليهود والمطامع الصهيونية. 7- فلسفة الحج. 8- الإسلام دين هداية. 9- أبحاث تمهيدية في العقيدة الإسلامية. 10- من نور الإسلام. 11- موقف الدين من العلم. وقد حاولت في العام الماضي أن أعوده بالمدينة المنورة إلا أن محبيه قالو إلي: إن حالته الصحية لا تسمح بالزيارة فدعوت له بظاهر الغيب كما دعوت لذريته التي أعرف منها ابنه الدكتور أسامة، وولده الدكتور براء الذي كان أحد طلابي في الرياض قبل عشرين عاما. نسأل الله أن يعوض فلسطين وأهلها بأمثاله حتى تكون العودة أقرب، لأن الخطيب وأمثاله يختزلون طريق العودة لأن هدفهم واضح.