- الروح ترخصّلك يا "لوبيه"
ناضل أهل لوبيه نضالاً شرساَ ضد العدو على مر التاريخ، وقد دخلها اليهود في تموز سنة 1949مبعد معارك دامية مع أهلها حيث دمّرت تدميراً كاملاً، كما وبني على قسم كبير من أراضيها مستعمرتي "دعوها" و"لافي". أذكر أنّي خرجت من لوبيه صباح الجمعة سنة 1948م، مع أطفالٍ ونساءٍ إلى أرض بلدة نمرين التي تبعد 2 كلم عن لوبيه إلى الشمال وبتنا تحت شجر الزيتون، في حين بقي الرجال يدافعون عن القرية حتى سقوطها.
في اليوم التالي ذهبنا إلى بلدة عرابية البطوف حيث لنا بعض الأقارب، وهناك التحق بنا والدي رحمه الله تعالى بعد سقط القرية في يد الاحتلال الغاشم. بعد 3 شهور في عرابية بلغنا الأقارب قبيل الفجر أن اليهود سيدخلون بلدة عرابية في الصباح وطلبوا منّا المغادرة فوراً. عندها توجهنا إلى بلدة الرامية مشياً على الأقدام في طريق ترابيّة، وصلنا بعد عناءٍ شديدٍ بعد شروق الشمس بتنا فيها ليلة في أحد البيوت، وفي اليوم التالي طُلبَ منَّا المغادرة فوراً بأمر من اليهود بغياب والدي الذي عاد إلى عرابية. ومساءً وصلنا إلى بلّدة البقعية ونمنا تحت شجر زيتونها، وفي الصّباح التالي توجهنا مع النّاس إلى الحدود ثمّ دخلنا لبنان. وصلنا إلى بلدة الرميش ونمنا على بيادرها ليلة، بعدها توجهنا إلى بنت جبيل، وأقمنا في بيت أرملة لمدّة أسبوع.
- لقاء بعد غياب
في أحدِ الأيّام وأنا على عتبة البيت في بنت جيبل شاهدني والدي رحمه الله تعالى، بعد عنائه الطويل وهو يبحث عنّا فهجم عليّ حاضناً والدموع تذرف من عيونه الغالية على خديه الكريمين. بعدها ذهبنا في سيارة إلى موقع برج الشمالي الأول وعشنا هناك في خيمة لمدّ عامٍ تقريباً. كانت الهيئات الخيريّة توزع علينا الأكل كل يومين. بعدها وَزِع النَّاس على مخيمات متعددة في لبنان، وكان نصيبنا في البقاع، حيث أقمنا هناك 5 سنوات وأنهيت خلالها الدراسة الابتدائيّة بعد أن انتقلنا إلى مخيم برج الشمالي.