كتبت هذا المقال قبل يومين من الخبر المنشور في صحيفة "الشرق الأوسط"، والذي يشير إلى المقترح الأمريكي الذي قبله السيد محمود عباس، وتردد في قبوله "نتانياهو" ويقضي المقترح بعدم البناء في المستوطنات لمدة ثلاثة أشهر، يتم خلالها الاتفاق على حدود الدولة الفلسطينية العتيدة، والدولة اليهودية الديمقراطية!.
كان تقديري وما يزال أن زمن تواصل المفاوضات الهادئة الذي تحتاجه أمريكا هو شهرين اثنين فقط لا ثلاثة أشهر، وهذا الزمن المحدود سيوافق عليه "نتانياهو" في نهاية المطاف، لأن فيه مخرجاً للمفاوض الفلسطيني الذي ما انفك يهدد بوقف المفاوضات إذا استؤنف البناء في المستوطنات، وهو زمن ضيق نسبياً يُمَكّن "نتانياهو" من إقناع حلفائه في الحكومة بالصبر عليه، ولاسيما أن المقابل لهذا التجميد المؤقت هو الاعتراف بيهودية دول إسرائيل الذي بات من مسلمات السياسة الأمريكية!.
لماذا شهرين فقط؟
26 أيلول هو الموعد النهائي لمواصلة تجميد البناء في المستوطنات، واستئناف الاستيطان بالشكل العلني كما يرتب له المستوطنون سيجبر السيد عباس على ترك المفاوضات، وهذا يعتبر إعلان فشل في السياسة الخارجية سيؤثر على نتائج الانتخابات التشريعية الأمريكية التي ستجرى في الثاني من نوفمبر من هذا العام، لذلك فالرئيس الأمريكي بحاجة إلى هذين الشهرين، وإسرائيل بحاجة إلى هذين الشهريين الإضافيين ليجملا صورتها أمام العالم، ولا يهم كثيراً نتائج المفاوضات.
اللوبي اليهودي نفسه الذي ضغط على "أوباما" للكف عن الضغط على "نتانياهو" بشأن مواصلة الاستيطان في القدس، سيضغط على معظم القيادات الإسرائيلية لمواصلة تجميد البناء في مستوطنات الضفة الغربية لمده شهرين إضافيين، واللوبي اليهودي نفسه هو الذي لن يسمح لوزير الخارجية "ليبرمان" أو لأعضاء حزب "شاس" بترك الحكومة، واللوبي اليهودي نفسه الممثل بمنظمة "إيباك" هو الذي سيحتوى التطرف اليهودي داخل إسرائيل كرد جميل للرئيس "أوباما". ويكفي الإشارة هنا إلى أن الملياردير اليهودي الأمريكي "إرفين مسكوفتش" الذي يمول الاستيطان في القدس، لقادر مع غيره من قادة اللوبي اليهودي على إلزام المستوطنين بمواصلة تجميد البناء لمدة شهرين أضافيين.
وهنا يقفز سؤال من شقين:
أولاً: هل تكتفي إسرائيل بالاعتراف الأمريكي بيهودية الدولة مقابل تمديد تجميد البناء لمدة شهرين إضافيين، أم أن التوسع الاستيطاني فيما بعد هو المقابل؟!.
ثانياً: ماذا سيفعل السيد عباس، ورئيس وزرائه، وطاقم مفاوضاته بعد أن يكون السبت اليهودي قد دخل في ....!؟