سيرة القائد المجاهد المعلم إبراهيم الشيخ محمد الحاج نصار



ولد القائد المجاهد إبراهيم الشيخ محمد الحاج نصار في بلدة عنبتا الواقعة في منتصف وادي الشعير إلى الشرق من طولكرم سنة 1895م، تلقى تعليمه الأساسي في عنبتا والثانوي في الكلية الإسلامية ببيروت حتى تخرج منها في العام 1912، أرسله والده الشيخ محمد للدراسة في الأزهر الشريف في القاهرة (1912 - 1914), كان أحد ضباط الجيش العثماني 1914، فالثورة العربية الكبرى حيث التحق إبراهيم نصار في الثورة العربية الكبرى، ملبيا دعوة الشريف حسين بن علي لأحرار العرب بالثورة على الحكم العثماني في حزيران عام 1916 ويلاحظ من خلال الوثائق المتوفرة والموجودة أن هناك إشارات وتعليمات عسكرية وكان بموقع المسؤولية فيها 1916م.

بعد انتهاء أحداث الحرب العالمية الأولى عاد إلى بلده وخدم في دائرة المعارف في فلسطين في الفترة الممتدة من 16/9/1922ـ 9/9/1932م .عمل معلما ومديراً لمدرسة حطين لواء الجليل ثم مدرسة الخالصة قضاء صفد ثم مدرسة عين ماهل قضاء الناصرة وبعد ذلك ترك إبراهيم الوظيفة في ظل الانتداب البريطاني إبان ثورة صفد سنة 1932م واستقال من التعليم بسبب سياسات دولة الاحتلال البريطاني تجاه التعليم وسيطرة دائرة المعارف على قطاع التعليم والتحكم بسياساته، وقد اضطر لبيع معظم أرضه التي ورثها عن والده غرب طولكرم داخل الخط الاخضر.

انضم إبراهيم نصار لمؤتمر الشباب العربي وشارك في المظاهرات والمسيرات والأنشطة الشبابية، وكان له اهتمام بقطاع التعليم، وقد ألقى فيه ورقة عن أوضاع التعليم وقارنها باليهود.

عرف إبراهيم نصار بنشاطه الثقافي ولم يقتصر على التعليم فقد اهتم بقراءة الصحف المتنوعة، وكذلك نشاطات الجمعيات الخيرية والنقابات العمالية.

حيث وجهت له الدعوات من الصحف المحلية في فلسطين للمشاركة بالكتابة فيها ومن هذه الصحف جريدة الاتحاد.

كذلك وجهت له الدعوات من جمعية العمال العرب.

كذلك كان يكتب في جريدة الزمر والاقدام وغيرها من الصحف في فلسطين حيث أن له عددا من القصائد في جريدة الزمر المشهورة والتي تاسست عم 1921 من قبل الشيخ خليل زقوت والملقب خليل الصغير.

كذلك لا يخلو جهده ونشاطه من العمل الدءوب والمتواصل لفتح المدارس في بلدة عنبتا حيث وجه الرسائل لإدارة المعارف عام 1932م كما إن مواقفه وآرائه كان يعتز بها.

وقد انضم إبراهيم نصار لمؤتمر الشباب ويظهر أنه كان مسؤولا لمكتب اللجنة التنفيذية فيه، وقد قدم ورقة في أحد مؤتمراته شرح فيها أحوال التعليم وسوء إدارة المعارف البريطانية التي أهملت التعليم عن قصد وعدم اهتمام العرب الاهتمام الكافي بالتعليم ووصف حكومة بريطانيا بأنها تمارس التسويف والتخدير وقد كذب حكومة الانتداب التي تدعي أنها جاءت لتهذب الفلسطينيين وتعلمهم وقد استعرض في إحصاءات وقارن بين التعليم عند المستعمرين الصهاينة وأبناء البلاد وهو الذي يكذب ادعاء الإنجليز وحرصهم على التعليم واستعرض أوضاع التعليم من حيث عدد الطلبة ومناهج التعليم عند العرب واليهود والحصص المخصصة للدين الإسلامي وجميع مظاهر التمييز الواضح والفاضح ووصل إلى نتيجة أن الحكومة تقصد التجهيل ومسخ العلم واستشهد بمقولة سمبسون الذي بين أن المستعمرات بمساعدة بريطانيا والوكالة اليهودية كانت أوفر حظا وأن العرب يوجسون خيفة من التأخر الاجتماعي.

التحق إبراهيم نصار بالثورة الفلسطينية وكان مؤيدا للمفتي محمد أمين الحسيني وقد سمى ابنه بهذا الاسم وكان واحدا من أعضاء اللجنة المالية للثورة والذين اعتمدهم المجاهد فوزي القاوقجي بعد وصوله إلى فلسطين وكان عددهم 7 أشخاص بما فيهم إبراهيم نصار وهذه اللجنة هي المؤهلة فقط بجمع الإعانات المالية أو من يتم تفويضهم خطيا، وهؤلاء هم : فخر الدين عبد الهادي وعبد الرحيم الحاج محمد وإبراهيم الحاج نصار، وعارف عبد الرازق وفرحان السعدي، وخالد القنواتي توفيق الصالح الحاج محمد، وهذ ما جاء في البيان الصادر عن الثورة العربية لسوريا الجنوبية والموقع من القائد العام للثورة فوزي القاوقجي وكان هذا البيان صادرا بتاريخ 4/9/1936م بعد معركة بلعا الثانية مباشرة والتي حدثت في 2/9/1936م والتي كان الثوار قد ألحقوا بالإنجليز خسائر فادحة ويتضح أن البيان جاء من قادة الثورة الفعليين عام 36 والذين أعطوا القيادة للقائد فوزي القاوقجي وكان من جليل أعماله وفعاله دوره القيادي في معركة نور شمس في 21/06/1936. حيث نظمها السيد إبراهيم نصار أفضل تنظيم وكان قائدها، وقد اعترض سير قوافل الجيش البريطاني حينما أتى الجيش من حيفا متحمساً، فكانت معركة عظيمة بدأت في النهار وامتدت إلى الليل ودامت نحو تسع ساعات وقد امتدت نحو عشر كيلومترات شرقاً، وقد اشتركت فيها الطائرات البريطانية التي أسقطت إحداها وقد خسر فيها الجيش البريطاني عدداً كبيراً من الجنود ولم يستشهد فيها إلا اثنين من المجاهدين وجرح منهم بضعة أشخاص، فكان لهذه المعركة أثر في نظر الجيش والحكومة البريطانية.

يقول المؤلف إحسان النمر في كتابه تاريخ جبال نابلس والبلقاء:

حدثني السيد المجاهد إبراهيم النصار قائد هذه المعركة فقال: "وردتني كمية من الفشك وبطاقة من سليمان بك طوقان يذكر فيها أن فرقة من الجنود الإنجليز البحارة ستمر آتية من حيفا إلى نابلس فرابطت لها، بدأت المعركة بعشرة أشخاص الساعة الواحدة بعد الظهر وتوالت علي النجدات وقد جعلت بين كل واحد وآخر عشرة أمتار وبعد إقامة السدود وصل الجيش فأطلقنا عليه نيران بنادقنا وهم يجيبون، وقد استمر امتداد السدود والمرابطين إلى مسافة عشرة كيلو مترات، وقد دامت المعركة تسع ساعات وقد بلغ عددنا المئات وتكبد الجيش البريطاني خسائر منها طائرة أسقطناها، ولم نخسر سوى شهيدين وبضعة جرحى".

تولى إبراهيم نصار شراء السلاح من قرية طمون وغيرها لصالح الثورة، وكان يشتري السلاح من أبو جلدة حيث كانت صلة الوصل بينه وبين أبي جلدة ابن عم أبي جلدة كما روى ذلك.
وفي رواية حضر عبد الرحيم محمود ليستطلع أحداث معركة حدثت في صيف عام 1936م (في بداية الثورة حيث أن الشهيد عبد الرحيم محمود لم يكن وقتها قد التحق بالثورة) التي قام بها الثوار بقيادة إبراهيم نصار أبي عادل، وكان يقترب من منطقة الخطر غير هياب وكان عبد الرحيم محمود ذو شجاعة وهو القائل الذي قال وصدق فيما قال:

سأحمل روحي على راحتي وألقي بها في مهاوي الردى

فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى

ولكن القائد ابن خاله طلب منه العودة والابتعاد عن منطقة الخطر حرصا عليه والجدير بالذكر أن الشهيد عبد الرحيم محمود تزوج من ابنة ابن خاله إبراهيم الحاج نصار، وكانت علاقة إبراهيم الحاج نصار بالشهيد عبد الرحيم محمود قوية من جهة القرابة ومن جهة الفكر الثوري والنضالي.
التحق بفصيل إبراهيم نصار كل من عبد الرحيم حجازي (أبو حجاز) ومعه عبد الجبار أبو عليا، ويوسف الحاج نصار ومحمد إبراهيم أبو عسل والأخوين أحمد عبدالله قبج ومصطفى عبدالله قبج، ورشيد سعادة وحسين حجاز وأحمد الحاج عبد الرحمن وعطية السبوبة وغيرهم الكثير من أبناء عنبتا.

كان إبراهيم أحد الثوار والقادة البارزين في الثورة الأولى والتي امتدت من بدايات 1936 حتى أواخر عام 1937، ولكنه في الثورة الثانية أي نهاية عام 1937 ترك الثورة بعد أن لاحظ أن شراعها بدأ ينحرف وكذلك كثرت فيها أعمال الاغتيال والقتل والتصفيات الجسدية وأصبحت الثورة أشبه بحرب أهلية. 

مارس إبراهيم حياته العادية حتى حلت نكبة فلسطين 1948 وعندها أسرع بحمل بندقيته بعد أن وردت شائعة ودعاية أن اليهود يستهدفون عنبتا ولكنه لم يستمر في التطوع أو المشاركة في حرب 1948.

حاول الالتحاق بمديرية التربية والتعليم بعد وحدة الضفتين (المملكة الأردنية الهاشمية)، ولكن النظام الأردني حرمه الوظيفة في وزارة التربية والتعليم بسبب تاريخه حيث أن أبو عادل (إبراهيم نصار) ذهب الى مصطفى الدباغ سنة 1955 وكان وكيل لوزارة المعارف وطلب معرفة السبب فأجابه أن الوزارة لا يمكن أن تعين شخصا اشترك في ثورة الشريف حسين وانسحب منها وكذلك لا يمكن تعيين من اشترك في ثورة 1936م حيث أنه كان معلما ومديرا لعدة مدارس إلى سنه 1932م وترك الوظيفة تمردا وعصيانا.

بعد ثورة يوليو المصرية عام1952 أرسل إبراهيم نصار للرئيس الراحل جمال عبد الناصر رسالة حب ووفاء وتهنئة بالثورة المصرية وفيها من الشعر الذي غرد به حافظ إبراهيم:

لمصر أم لربوع الشام تنتسب  لنا العلا وهناك المجد والحسب

وقد رد عليه الرئيس جمال عبد الناصر برسالة فيها شكر وتقدير للشعب الفلسطيني وظل إبراهيم نصار يفخر برده ويحتفظ بها وعلق صورته في صدرعليته.

ولكن الجيش الأردني عندما حضر لبيته بعد قيام الوحدة المصرية - السورية عام 1958 وعلى إثر سوء العلاقات بين البلدين قام بأخذ صورة عبد الناصر وصادر هذه الأوراق واختفى بعضها.

عمل إبراهيم في الزراعة وفي خدمة قضايا مجتمعه كالصلح والإصلاح وكتابة الحجج والعرائض للمحاكم الشرعية، وقد خلف ابنته محفوظة التي تزوجها الشاعر الشهيد المرحوم عبد الرحيم محمود.

وأرسل ابنه محمد أمين ليتلقى علومه في جامعة دمشق ودرس الفلسفة فيها.

ترك إبراهيم ذكرا طيبا وسيرة حسنة وعرف كرجل خير وإصلاح في بلده، وانتقلت روحه إلى بارئها في 18/01/1985م
_______________
الجدير ذكره إلى أن هناك ثوار آخرين بهذا الاسم التحقوا بالثورة وهم من قرية عنبتا ومدينة قلقيلية.

تاريخ الاضافة: 02-02-2012
طباعة