.

عرض المقال :مفارقات بين الخلق والخالق

  الصفحة الرئيسية » ركـن المقالات

مفارقات بين الخلق والخالق

http://files.fatakat.com/signaturepics/sigpic693920_6.gif

عمر بن عبد المجيد البيانوني
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كم هو الفرق عظيمٌ بينَ الخَلْقِ والخالق، بينَ الخلقِ المطبوعين على النقص والضعف والتقصير، وبين الخالقِ الكاملِ ذي القوَّة المطلقة.

1ـ إنَّ الخَلْقَ يغضبون إذا سألتهم وأكثرت من سؤالهم، أما الخالق فهو الذي حثَّك على سؤاله، ويجيب دعوة الداعي، قال تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)، وإذا ذكرتَ الله في نفسك ذكرَكَ في نفسه، وإذا ذكرتَهُ في ملأ ذكرَكَ في ملأٍ خير منهم..
فالله الودود قد تكفل لعباده وهو الغني عن العالمين بأن من ذكره وحمده أن يشرِّفه الله عز وجل ويذكره ويكون معه، ففي الحديث القدسي: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَة). متفق عليه. فمن ذكر الله بالتنزيه والتقديس سرّاً ذكره الله تعالى بالثواب والرَّحمة سرّاً، وإن ذكره في ملأ ذكره الله في ملأ خير منهم.

2ـ إنَّ الخَلْقَ يضيقون بتكرر الخطأ منك وقد لا يقيلون العثرات ولا يقبلون الاعتذار، أما الخالق فهو الذي أمر عباده بالتوبة وهو يحب التوابين، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ).
وقال النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام: (لَـلهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ في أَرْضٍ دَوِيَّةٍ مَهْلَكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ، ثُمَّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَى مَكَاني الَّذِى كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ) متفق عليه واللفظ لمسلم.
وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ: (أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْباً فَقَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ، فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ. ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ فَقَالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي. فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكَ) متفق عليه واللفظ لمسلم. أي: ما دمتَ تذنب ثم تتوب غفرت لك.

3ـ إنَّ الخالقَ يوفق عبده للطاعة ثم يشكره ويثيبه عليها، أما الخَلْق فقد لا يساعدوك على الخير، ثم إنْ فعلتَ الخير فقد يشكروك وقد لا يشكروك عليه، وإذا شكروك فإنَّ شكرَهم ناقصٌ محدودٌ، أما الخالقُ فهو الذي يوفِّق عبادَه للطاعات ثم يُثيبُهُم عليها، قال تعالى: (وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أبَداً وَلَكِنَّ اللهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
وقال سبحانه: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).

4ـ إن التذلل والخضوع لله هو العزُّ والشرف ويقودك إلى الرفعة والكرامة، أمَّا الخضوع للمخلوقين فهو الذل والهوان.
ففي العبودية لله يوفقك الله إلى ما فيه خيرك ونفعك وصلاحك، أما في العبودية للبشر فهي تقوم على الأنانية والأثَرَة ففيها يأخذ السيدُ مصلحتَه ومنفعتَه من غلامه ولا يهتم بعد ذلك بخيره ومنفعته.

5ـ إنَّ الخَلْقَ إذا أرادوا مجازاة أحد كان جزاؤهم محدوداً منقطعاً، أما الخالق فيجزي عن الحسنة بعشر أمثالها إلى سَبعمائةِ ضِعْفٍ إلى أَضعَافٍ كَثِيرَةٍ، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً).
وقال رَسُول اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ، وَإِنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً). متفق عليه.
 « رجوع   الزوار: 1044

تاريخ الاضافة: 21-07-2013

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
3 + 2 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركـن المقالات

«الأونروا» أمام اختبار العجز والهدر

آثار قاسية يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. ممنوعون من البناء في المخيمات والتملك خارجها

«كلاوس» تؤكد على أولوية إصلاح التعليم ورفع جودة التعليم في مدارس «الأونروا»

لاعب كويتي ينسحب من بطول المبارزة العالمية في بلغاريا

الشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد يفوز بجائزة مسابقة الكتابة الموجهة للطفل على مستوى العالم العربي 2023

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :286246
[يتصفح الموقع حالياً [ 111
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013