.

عرض المقال :كيف ننسى أسـرانا البواسل؟!

  الصفحة الرئيسية » ركـن المقالات

كيف ننسى أسـرانا البواسل؟!

http://www.abedkhattar.com/newsm/8018.jpg

ياسر الزعاترة
لليوم الثامن على التوالي، يخوض الأسرى الأبطال في سجون الاحتلال إضرابهم المفتوح عن الطعام احتجاجاً على ظروفهم القاسية التي ازدادت قسوة خلال الشهور الأخيرة استجابة لدعوات اليمين الصهيوني الرامية إلى الضغط على حركة حماس من أجل الإفراج عن الجندي الصهيوني الأسير (شاليط).

يبلغ عدد الأسرى في سجون الاحتلال ما يقرب من 6000 أسير فلسطيني (هناك عدد محدود من العرب) يتوزعون على 22 سجناً ومعسكراً داخل الأراضي المحتلة عام 48، بينهم 38 أسيرة، 285 طفلاً قاصراً، 27 معتقلاً إدارياً، 22 نائباً في المجلس التشريعي (19 من حركة حماس)، 20 أسيراً في العزل الانفرادي، 143 أسيراً مضى عليهم أكثر من 20 عاماً رهن الاعتقال، فيما يخضع حوالي 400 أسير لأحكام تتجاوز المؤبد.

ومن أهم مطالب الأسرى: إنهاء العزل الانفرادي، إعادة التعليم الجامعي، إعادة بث القنوات الفضائية الممنوعة، وقف سياسة تكبيل الأسرى خلال الزيارات، ووقف سياسة العقوبات الجماعية مثل الحرمان من زيارات الأهل.

لا خلاف على أن سياسة الأسر كانت واحدة من أهم الوسائل التي استخدمها العدو ولا يزال من أجل كسر إرادة المقاومة والصمود لدى الشعب الفلسطيني، حيث مر على السجون والمعتقلات منذ العام 48 ما يقرب من 750 ألف فلسطيني على تفاوت الفترات التي قضوها في السجون.

لكن الشعب الفلسطيني العظيم لم ينكسر أمام إرادة الجلاد، فيما تمكن أبناؤه من تحويل السجون والمعتقلات إلى مدارس وجامعات تزيدهم إصراراً على مواجهة المحتل. صحيح أن التراجعات السياسية كانت هي السمة البارزة لحركة النضال الوطني الفلسطيني لجهة الثوابت الوطنية الأساسية (تحرير كل فلسطين)، إلا أن ذلك لم يأت بسبب سياسة القتل والاعتقال، وإنما بسبب ظروف موضوعية أخرى في مقدمتها التخاذل الرسمي العربي والانحياز الدولي للكيان الصهيوني، وإن ساهم في تلك التراجعات قادة فلسطينيون مرَّ بعضهم بتجربة الاعتقال وخضعوا لتدجين سياسي كان من نتائجه تصدر بعضهم لخيار التسوية والمفاوضات والتنازلات.

نكذب على أنفسنا إذا قلنا إن تجربة السجون لم تحقق نجاحات تذكر من وجهة نظر المحتل، لكن الهدف النهائي الذي أراده الاحتلال لم يتحقق، بدليل أن نسبة كبيرة ممن مروا بتجارب الاعتقال لم يستقيلوا من العمل النضالي بعد الإفراج عنهم، بل عاد كثير منهم إلى السجن بأحكام أكثر قسوة بعد انخراطه من جديد في حركة المقاومة ضد الاحتلال.

المثير في قضية الاعتقال هو ما يتعلق بالأعباء النفسية التي يتركها على الأسر الفلسطينية، والتي تتحمل تبعاتها بشكل أساسي المرأة الفلسطينية، أكانت أما أو زوجة، فضلاً عن الأبناء بالنسبة للأسرى المتزوجين، والأسوأ هو ما يتركه من آثار على المعتقل نفسه حين يشعر بأن القضية التي ناضل وضحى بسنوات عمره من أجلها تتعرض للتشويه، أو تنحرف بوصلتها نحو مسارات عبثية.

بالله عليكم، كيف يشعر المعتقلون الحاليون، وغالبيتهم دخلوا السجون إثر انتفاضة الأقصى؟ كيف يشعرون حين يقول رئيس السلطة والمنظمة وحركة فتح في آن، إن تلك الانتفاضة التي شكلت المعلم الأروع في تاريخ القضية كانت شكلاً من أشكال العبث، وأنها دمرت المشروع الوطني الفلسطيني؟!

كيف شعروا حين سمعوا عن وثائق التفاوض وما فيها من تنازلات مجانية قدمها المفاوض الفلسطيني أمام نظيره الإسرائيلي من أجل الحصول على شبه دولة دون جدوى، وكيف يشعر من بدأ حياته بالهتاف لفلسطين من البحر إلى النهر وحفظ أناشيدها الثورية، بينما يستمع اليوم لقائدها يقول أمام العالم أجمع إنه تنازل عن 78 في المئة من أرضها المقدسة؟!

ليس ثمة شيء يقهر السجين أكثر من ضياع القضية التي ناضل من أجلها، وهنا في الحالة الفلسطينية تضيع القضية وتضيع البوصلة في آن، ويغدو معظم فلسطين ملكاً للعدو باعتراف القيادة، بينما يتم تجاهل قضية الأسرى في السياق.

لعل من أهم حسنات عملية اختطاف الجندي شاليط، ورغم الفرصة المحدودة لإنجاز صفقة مع العدو، هو تذكيرها الدائم بقضية الأسرى، في وقت كانت المفاوضات العبثية الأخرى تتجاهلهم تماماً، اللهم إلا من تصريح عابر هنا أو هناك في سياق احتفال يبث على الهواء.

لو كان ثمة إصرار على خط المقاومة، وكانت قضية الأسرى حاضرة في السياق بشكل دائم لكانت معنويات الأسرى أفضل بكثير، تماماً كما كانت أيام انتفاضة الأقصى، ولكان بوسع عمليات الاختطاف أن تؤتي أكلها، وهنا يذكر لحركة حماس أنها كانت الأكثر تبنياً لقضية الأسرى حين بدأت عمليات الاختطاف منذ العام 89.

إنها قضية معنوية تأتي ضمن صراع تاريخي وصراع إرادات، وما دام الشعب مصراً على المقاومة ولم ينكسر يكون العدو مهزوماً بالضرورة، لكن تنازل صاحب الحق عن غالبية وطنه لعدوه هو إعلان الهزيمة، ولكنها هزيمة من يتنازلون على أية حال، أما الشعب فلم ينكسر ولن ينكسر، وسيفجر انتفاضته الجديدة رغم أنف المتخاذلين، وسيحقق الانتصار. وعندها يعلن الأسرى انتصارهم على قيد الجلاد. وما يجري في العالم العربي هو بشارة الانتصار الأولية لفلسطين وشعبها وأسراها البواسل، وللأمة جمعاء.

يبقى القول إن نصرة أسرى الحرية في فلسطين، وفي العراق وكل سجون الاحتلال ومعتقلات الطغاة هي مهمة الأحرار في كل مكان.
صحيفة الدستور الأردنية
 « رجوع   الزوار: 2094

تاريخ الاضافة: 06-10-2011

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
1 + 9 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركـن المقالات

«الأونروا» أمام اختبار العجز والهدر

آثار قاسية يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. ممنوعون من البناء في المخيمات والتملك خارجها

«كلاوس» تؤكد على أولوية إصلاح التعليم ورفع جودة التعليم في مدارس «الأونروا»

لاعب كويتي ينسحب من بطول المبارزة العالمية في بلغاريا

الشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد يفوز بجائزة مسابقة الكتابة الموجهة للطفل على مستوى العالم العربي 2023

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :288822
[يتصفح الموقع حالياً [ 26
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013