.

عرض المقال :صلاح الدين يهدم مدينة عسقلان

  الصفحة الرئيسية » ركـن المقالات

صلاح الدين يهدم مدينة عسقلان

http://arabsolaa.com/portal/album/2010/09/02/06_33_47.jpg

لا شك أن فقه الموازنة بين المصالح والمفاسد لهو من آكد أولويات العمل الإسلامي الدعوي في أي زمان ومكان خاصة في أيامنا هذه الزاخرة بكثير من الأحداث والمتغيرات والمستجدات على الساحة والتي تضطرم فيها المصالح والمفاسد وتتشابك فيها الآراء بين إفراط وتفريط وبين مقبل ومدبر وأصبح الناس منقسمين إلى فريقين فريق يبالغ في واقعيته وينظر للمسألة من وجهة مادية بحتة قحة مقطعة المدد السماوي وفريق يبالغ في أحلامه فلا يرى في الوجود ما يسمى بفقه الواقع والموازنة بين المصلحة والمفسدة إتكالاً على الله عز وجل وحده بزعمهم والحق أحق أن يتبع والهدي النبوي ونصوص الشرع حجة على الفريقين ولسنا بصدد عرض أدلة الشرع في فقه الموازنة ومراعاة الواقع مع الاعتماد والإتكال على الله عز وجل وحده لأن هذا له مقام آخر ولكننا بصدد عرض صفحة من صفحات التاريخ طبق فيها قادة المسلمين نموذجاً عملياً لفقه الواقع والموازنة بين المصالح والمفاسد.
سقطت مدينة عكا في أيدي الصليبيين في 17 جمادى الآخرة سنة 587هـ بعد ملحمة رائعة من الصمود والتحدي استمرت ثلاثة سنوات متصلة واجه المسلمون فيها أعنف الحملات الصليبية على الإطلاق وهي الحملة الثالثة على بلاد المسلمين، كان لسقوطها صدى كبير في أنحاء أوروبا الصليبية وقويت عزائم عباد الصليب وتواثقوا فيما بينهم على أخذ بلاد الشام كلها فقاموا بإصلاح مدينة عكا ورمموا ما انهدم منها أثناء حصارهم الطويل لها، ثم توجهوا بعدها نحو مدينة حيفا ليأخذوها وكان السلطان الناصر صلاح الدين قد أعاد ترتيب جيوشه لينازل جيوش الصليبيين أثناء سيرهم في الساحل وقام المسلمون بغارات كثيرة على أطراف جيوش الصليبيين فأخذوا وغنموا منهم الكثير.
أسرع ملك إنجلترا ريتشارد قلب الأسد وكان مقيماً بعكا وانضم للصليبيين لحمايتهم من غارات المسلمين المتتالية فاشتد ساعدهم ووصلوا إلى مدينة حيفا وأخذوها وعسكر المسلمون أمامهم، وأحضر الصليبيون من عكا عوض من قتل منهم، والناصر والمسلمون يسايرونهم ويأسرونهم وكلما أسر منهم أحد قتله الناصر مباشرة لأنه قد أقسم أنه لا يظفر بأحد منهم إلا قتله بمن قتلوا ممن كان بعكا ودار القتال عدة مرات بين الفريقين وفي معظم الأحيان كانت الصولة والدولة للمسلمين .
اجتمع قادة جيوش الصليبيين فيما بينهم وقرروا الهجوم دفعة واحدة وبقوة على المسلمين مستخدمين سلاح الفرسان فانهزم كثير من المسلمين عند هجمتهم الشرسة على الصفوف المسلمة ولكن الله سلم عندما فر المسلمون فدخلوا غابة كثيفة الشجر فلم يتبعهم الصليبيون ظناً منهم أنها حيلة لاستدراجهم وفي هذا القتال قتل بطل كبير من أبطال المسلمين واسمه أياز الطويل وفي نفس الوقت قتل قائد من قواد الصليبيين الكبار.
وصل صلاح الدين إلى الرملة وجمع أمراءه واستشارهم فيما يفعل والصليبيون يسايروهم من بلد لأخرى ولو استمر الحال هكذا لأخذ العدو سائر بلاد الساحل فأشار عليه الأمراء بتخريب مدينة عسقلان وكانت أكبر مدينة في هذه المنطقة وبها قلاع حصينة وأسوار منيعة وهي شديدة التحصين لو أخذها العدو ستكون شوكة في جنب المسلمين ونقطة انطلاق لغارات الصليبيين على باقي بلاد الشام، وقال الأمراء ' قد رأيت ما كان منا بالأمس وإذا جاء الفرنج إلى عسقلان ووقفنا في وجوههم نصدهم عنها فهم لا شك يقاتلوننا لننزاح عنها وينزلون عليها وحدث مثلما حدث في عكا ' وتضايق صلاح الدين من ذلك بشدة وأبى أن يخربها بيده وندب الناس للدفاع عنها والدخول فيها وحفظها ولكن الأمراء والجند الذين عضتهم الحروب المتصلة ضد الصليبيين منذ أكثر من عشر سنوات لم يوافقوا على ذلك وامتنعوا بشدة واشترطوا للدخول أن يدخل صلاح الدين معهم هو وأولاده جميعاً للدفاع عنها فقال لهم صلاح الدين: ' لذهاب جميع أولادي أحب إلى من نقض حجر واحد من هذه المدينة العريقة وبات ليلته يفكر في القضية ثم أصبح وقد أخذ قراراً بتخريبها لمصلحة المسلمين .
أصدر الناصر أمره بتخريب المدينة في 19 شعبان سنة 584 هـ فظلت النار تعمل في المدينة حتى أتت عليها كلها في 1 رمضان سنة 587 هـ وبكى الناصر على حرقها وبكى المسلمون معه لفقد مدينتهم الجميلة التي كانت داراً لهم لمئات السنين ولكن المصلحة كانت في ذلك حتى لا يأخذوا العدو.
عندما علم الصليبيون ما جرى لعسقلان أقاموا مكانهم ولم يتقدموا للأمام وعندما علم شيطان الفرنج ' ألمركيس' صاحب مدينة صور وهذا الشيطان هو الذي ألب الصليبيين على المسلمين حتى أتوا بالحملة الثالثة بما جرى من تخريب عسقلان وتوقف الصليبيين عن التقدم أرسل إلى ملك الإنجليز ريتشارد يشتمه ويسبه ويقول له ' مثلك لا ينبغي أن يكون ملكاً ويتقدم على الجيوش تسمع أن صلاح الدين قد خرب عسقلان وتقيم مكانك يا جاهل لما بلغك أنه قد شرع في تخريبها كنت سرت إليه مجداً فملكت المدينة قبل خرابها فإن صلاح الدين لم يخربها إلا لعلمه أنه لا يقدر على حفظها ' وكان هذا الرجل عاقلاً حكيماً عرف المصلحة التي أرتأها صلاح الدين في تخريب المدينة .
 « رجوع   الزوار: 1998

تاريخ الاضافة: 17-03-2011

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
9 + 8 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركـن المقالات

«الأونروا» أمام اختبار العجز والهدر

آثار قاسية يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. ممنوعون من البناء في المخيمات والتملك خارجها

«كلاوس» تؤكد على أولوية إصلاح التعليم ورفع جودة التعليم في مدارس «الأونروا»

لاعب كويتي ينسحب من بطول المبارزة العالمية في بلغاريا

الشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد يفوز بجائزة مسابقة الكتابة الموجهة للطفل على مستوى العالم العربي 2023

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :286241
[يتصفح الموقع حالياً [ 137
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013