هي ليلة كباقي أخواتـها منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة.. مليئة برائحة الموت والخوف؛ فالصواريخ تنطلق من كافة الجهات، لا تعرف متى وأين يـمكن أن تسقط عليك، وتُنهي مشوار حياتك.
أصوات الأطفال والنساء تبددها أصوات الانفجارات التي لا تتوقف، بل تطارد الناس في كل مكان، حتى قضت على عائلات بأكملها، ومن هذه العائلات عائلة "القرعان" التي استشهد ثـمانية من أفرادها في ليلة واحدة.
في حضن والـدته
روضة القرعان (20عاماً)، شقيقة الشهيد رياض القرعان، تـحدثت لمراسل "المركز الفلسطيني للإعلام" عن الفاجعة التي ألمت بعائلتها، ووصفت الحدث قائلة: "كنا نائمين في منزلنا، وفجأة سمعنا أصوات الصواريخ تدوي في المنطقة، فخرجت أنا وشقيقي رياض لنعرف ما الذي يـجري -وكانت سماء دير البلح تعج بالطائرات- فالتقينا بأبناء عمومتنا عند نقطة واحدة، وهم إياد ومحمد وحسام لنكون على موعد مع الصواريخ".
وتضيف: "امتلأ المكان بالغبار الممزوج بالشظايا، وبدأت أبـحث عن أخي وأقاربي بعد أن نـجوت من الموت بأعجوبه، فرأيت كـلاً من حسام ومحمد قد مزقـا إلى أشلاء، أما إياد فقد واصل الزحف جريـحاً، حتى لفظ أنفاسه الأخيرة بـحضن أخته أماني".
وتابعت روضة –التي أصيبت بالعديد من الشظايا، ونـجت من موت مـحتوم- : "فتشت عن أخي رياض، فلمحته ملقى على الأرض وقد بترت أطرافه، وينـزف بشدة، فأسرعت إليه لأساعده، لكنه كان يتمتم بشفتيه شيئاً ما ويكرره، وهو أنـه يريد أن يفارق الحياة في حضن والدتي.. فلبيت له هذا الطلب، وفارق الحياة".
لا مفر من الموت
هداية، ابنة الشهيد محمد القرعان، تكمل الحكاية المريـرة، تقول: "في نفس الليلة التي حصلت فيها المجزرة كانت أختي وداد خائفة من أن يقصف بيتنا المكون من ثلاثة طوابق، فذهبت وأخي الصغير صهيب وجدتي للنوم في خيمة أمام بيتنا".
وتستطرد هداية: "في هذه الأثناء كان والـدي في زيارة تفقدية لأخته التي تسكن بالقرب من بيتنا، وعندما علم بوجود القوات الخاصة في منطقتنا عاد ليتفقد إخوتي، فاستهدفته الطائرات الحربية بصواريـخها وحولته الى أشلاء، حيث هدم جزء كبير من بيتنا، أما أختي وداد وأخي صهيب وجدتي فقد لحقتهم الصواريخ تـحت خيمتهم ومزقت أجسادهم، ليرتقوا إلى العلا شهداء".
أما عدالة القرعان، فلم تكن تعلم أنـها تقضى اللحظات الأخيرة مع خطيبها باسل، حيث بددت الزوارق الحربية الصهيونية حلمهما، بعدمـا استهدفته وهو عائد من بيتها إلى منزله.
ثـمانية شهداء
وكانت قوات الاحتلال الصهيوني استهدفت –براً، وبـحراً، وجواً- حي القرعان في دير البلح عند الساعة الواحدة فجر يوم الجمعة الموافق 9/1/2009، ما أدى إلى استشهاد ثـمانية من أفراد العائلة، هم محمد إبراهيم القرعان (50 عاماً)، وأبنائه صهيب (14عاماً)، وداد (15عاماً)، وابن شقيقته رياض يـحيى القرعان (21عاماً)، كما استشهد من العائلة أيضاً محمد حسين القرعان(40عاماً)، وابن أخيه باسل إبراهيم القرعان (23عاماً)، وإبراهيم القرعان (20عاماً)، وإياد صابر القرعان (30عاماً).