« فلسطينيو تشيلي يكسرون حاجز الصمت حيال الاحتلال »








نشرت صحيفة "البايس" الإسبانية تدوينة للكاتب المختص في القانون الدولي ومدير المجتمع الفلسطيني في التشيلي، خايمي عبد ربه، تحدث فيها عن الجالية الفلسطينية في التشيلي التي تمثل أكبر مجتمع فلسطيني خارج الوطن العربي.

وقال الكاتب، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الجالية الفلسطينية أدركت أنه لا يمكنها أن تستمر في التفرج على المفاوضات الفاشلة والاضطهاد الممنهج من قبل إسرائيل.

وقد أكد أفراد هذه الجالية أنه لا يمكنهم النظر بعين اللامبالاة إلى الطريقة التي تتجاهل بها إسرائيل قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، التي تسعى إلى إنهاء الاحتلال الفلسطيني وتهيئة الظروف لإحلال السلام.

وعلى الرغم من تشكيك البعض في شرعية عملهم في التشيلي وأمريكا اللاتينية، أكدت الجالية الفلسطينية أن مهمتها تكمن أساسا في تعزيز قيمة الأشخاص وحق جميع الشعوب في الحرية. فقد تعلموا من أجدادهم التعلق بجذورهم الثقافية وروح المغامرة والقدرة على الاندماج اجتماعيا.

وأكد الكاتب أن أبناء هذه الجالية نقل لهم آباؤهم وأجدادهم حب فلسطين، ولهذا السبب كان للمجتمعات ذات الأصل الفلسطيني مساهمة هامة في تنمية الدول المختلفة التي اندمجت فيها، حيث شاركوا في جميع أنشطة المجتمع من السياسة والتعليم والمالية والفنون.

ولكن هذا لا يعني أنهم فقدوا ذاكرتهم. وقد دفعهم الألم الذي يعانون منه يوميا إلى كسر حاجز الصمت وفهم دورهم أمام المجتمع الدولي.

وأورد الكاتب أن الوضع الحالي سيجبر الجالية الفلسطينية المغتربة على البحث عن طرق أخرى لتحقيق رغبتهم في ضمان حرية شعبهم، الذي لم يتمكن من كسب حقه في تقرير مصيره على الأرض التي عاش فيها منذ قرون. فالحرية هي شوق وحنين مشترك بين جميع المجتمعات.

وبين الكاتب أن الفلسطينيين في هذا البلد اللاتيني يعلمون أن بعض الشعوب استسلمت بطرق مختلفة للظلم، حيث كان بعضهم ضحية للاستعباد والاحتلال في حين كان مصير الآخرين النبذ.

وقد استقوا العبرة من التاريخ وأدركوا قيمة الحرية لأنهم كانوا يعيشون تحت وطأة الاستبداد ولكن أرواحهم كانت دائما حرة ولا تُقهر، بغض النظر عن مستوى القمع الذي يتعرضون له.

وفي الواقع، لم تكن هناك طريقة لثني مؤيدي مبادئ الحرية مثل نيلسون مانديلا أو مهاتما غاندي الذين شجعوا على المقاومة ضد الظالم.

وقد مثلت هذه الشهادات مصدر إلهام بالنسبة لهم، لأنها بعثت فيهم أمل رؤية فلسطين حرة، وهو الشعور الذي يوحد بينهم في أمريكا اللاتينية.

وأضاف الكاتب أن فلسطينيي الشتات متأثرون بشجاعة النساء والرجال الذين يقاومون كل يوم المحتل للحفاظ على هويتهم وذاكرتهم وأرضهم.

ومن هنا يكتسب الفلسطينيون حسّهم الخاص والتزامه، لأنهم يتحملون جميع أنواع الإهانات انطلاقا من التطهير العرقي وصولا إلى نظام الفصل العنصري الذي تم تعزيزه في إسرائيل بقوانين تفرض العبرية كلغة رسمية، وتميز بين المواطنين حسب دينهم وأصلهم العرقي، ناهيك عن انتهاك سيادة القانون في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تنتهك حقوق الإنسان بشكل منهجي.

وأكد الكاتب أن الوضع في فلسطين يعكس فشل النظام الدولي، ويمثل دليلا على عملية تفكك الإجماع العالمي الذي تم التوصل إليه سنة 1945، بما أن هناك قوة مثل إسرائيل تعطي لنفسها الحق في عدم الحد من ممارساتها أمام أي معيار دولي بما في ذلك مبادئ القانون الدولي.

وفي فلسطين، لم يتم التحقيق في الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل وأخذ الأدلة التي تدينها بعين الاعتبار، تجنبا لأي عمل انتقامي أو عقوبات ضد أعمالهم.

وأشار الكاتب إلى أن جرائم الحرب والجرائم المرتكبة في حق الإنسانية والانتهاكات المنتظمة لحقوق الإنسان سببها الجغرافيا السياسية المعاصرة ونظام التحالفات والصداقات بين الأطراف المركزية في الشرق الأوسط، التي أدت بالفلسطينيين إلى اليُتم.

في المقابل، يكتسي المجتمع الدولي أهمية خاصة، لأنه غير مقيد بمثل هذه المصالح الدنيئة التي يتم تحقيقها على حساب آلام الآخرين.

ونوه الكاتب بأن العديد من الدبلوماسيين يكتفون بالبيانات الرسمية التي تحث إسرائيل على وقف الهجمات ضد المدنيين أو تنذرها بضرورة احترام القانون الدولي لتحقيق سلام عادل ودائم، وهي تقريبا العبارة التي يستخدمها القادة في كل قمة أو لقاء مخصص للبحث عن حلول لإنهاء الاحتلال.

لكن الحقيقة هي أن الدراما مستمرة، إذ تواصل إسرائيل التوسع وبناء المستوطنات من خلال مصادرة المزيد من الأراضي وزيادة عدد المستوطنين.

وأكد الكاتب أن الوقت قد حان لكل مواطن لديه شعور بالإنسانية لتأييد حملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات، مثلما حدث في نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، والتي كانت ناجحة.

ويجب مواصلة نشر عمل المجتمع المدني والترويج له إلى أن تعدّل إسرائيل من سلوكها بشأن الاعتقالات التعسفية والقوانين التمييزية بشأن استخدام الطرقات وعمليات التفتيش اليومية للفلسطينيين.

ومن بين العديد من الانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان وجود جدار على طول الأراضي الفلسطينية بحكم الواقع، ومصادرة الأراضي، وسجن الأطفال والسياسيين، إلى جانب المعاناة من العقاب الجماعي في قطاع غزة.

وأفاد الكاتب بأن الفلسطينيين يأملون في إيجاد حل لشتات أكثر من خمس ملايين فلسطيني منتشرين في جميع أنحاء العالم، الذين يشاركونهم نفس الرغبة ويدركون مدى أهمية دورهم.

وسواء في التشيلي أو جميع أنحاء أمريكا اللاتينية، فهم لن يتراجعوا عن كشف مظاهر الظلم الذي يتحمله الفلسطينيون أمام الرأي العام؛ من خلال تعزيز الإجراءات السلمية التي تهدف إلى خلق ظروف مناسبة تمكنهم من الحصول على حقوق متساوية ووضع حد للاحتلال.

المصدر: عربي21 


» تاريخ النشر: 09-02-2019
» تاريخ الحفظ:
» رابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان
.:: http://palteachers.com/ ::.