مشروع زراعي على أسطح منازل "عين الحلوة".. تمكين اقتصادي للأسر الفقيرة


على الرغم من كل الظروف التي يعيشها الفلسطينيون في لبنان، والتي يأتي في مقدمتها الأوضاع الاقتصادية السيئة، وتراجع مستوى الدخل، بخاصة في ظل استمرار وضعية الحرمان من الحقوق المدنية والاجتماعية وتراجع خدمات "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين – الأونروا"، على الرغم من ذلك فإن هناك أشكالاً من المقاومة وزيادة عوامل الصمود التي يبتكرها أفراد وأطر مجتمعية وثقافية وإنسانية، لكنها لا تجد طريقها إلى الإعلام اللبناني أو العربي.

وفي ظل الصورة النمطية التي تقدم عن مخيم عين الحلوة، فإنه من الصعب على المرء أن يصدق أن هناك زراعةً بدأت تأخذ موقعها على أسطح المنازل، في مبادرة تنموية أطلقتها "جمعية ناشط الثقافية الاجتماعية" كاستمرار لمشروع الجمعيات التعاونية النسائية (زوادتنا)، وذلك ضمن رؤية مختلفة ومقاربة جديدة، تقوم على أساس المثل الصيني (لا تعطيني سمكاً بل علمني كيف أصطاد السمك)، وترتكز على مبدأ أنه لقد آن الأوان كي نبتكر مقاومتنا الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية .

تشير مديرة التعاونيات النسائية الفلسطينية في "جمعية ناشط" بمخيم عين الحلوة، وفاء عيسى، لـ"وكالة القدس للأنباء" إلى أن "مشروع الدفئات الزراعية بالمخيم، بدأ منذ خمسة شهور، بالشراكة والتعاون بين جمعية ناشط ومؤسسة كرامة العاملة في الضفة الغربية في فلسطين المحتلة، وبتمويل من مؤسسة (ميديكو والوش) الدوليتان".

وأضافت عيسى أن "مشروع الدفئات الزراعية (الخيم) يقوم على هدف أساسي، وهو تمكين اقتصادي للأسر الفقيرة، وتشغيلهم بتلك الدفئات الزراعية، بسبب عدم وجود مساحات زراعية بالمخيم كافية".

وقالت إن "الهدف التالي للمشروع هو إكتفاء الأسر من ناحية اقتصادية، كما هو لتقوية الرابط للإنسان الفلسطيني بأرضه"، مشيرة إلى أن المشروع الذي أقيم بالمخيم استفاد منه عشر أسر، حيث قام فريقنا بتجهيز عشر خيم على سطوح منازلهم وتركيبها مع القساطل وشبكة الري وخزان المياه 1000 لتر والتراب العضوي الخالي من المواد الكيماوية والأحواض".

أما نوعية الزراعات التي يقوم عليها المشروع فتقول عيسى: "نزرع بتلك الخيم (خيار، وبندورة، وبذنجان، كوسا، فاصوليا، لوبية، فليفلة حلوي) ونزرع بكل فصل زراعات مختلفة، ونشرف ونتابع تلك الخيم من خلال زيارات نقوم بها للمستفيدين بشكل أسبوعي، ويقدم لهم فريقنا الميداني استشارات علمية واضحة".

وتابعت: "هذه أول تجربة بمخيمات لبنان، ولقد خضع المستفيدون من ذلك المشروع للتدريب وورش عمل استمرت لمدة 4 شهور، من قبل اختصاصيين زراعيين، حيث عمل معنا في ذلك المدير التنفيدي لمؤسسة الكرامة، لؤي عبد الغفار، والمستشارة الزراعية اللبنانية، أماني داغر".

وأوضحت عيسى إنه "قمنا بكتابة عقد لمدة 3 سنوات للإشراف والمتابعة، وتقديم الشتول بشكل فصلي وحسب الموسم، وبتسويق المحاصيل المنتجة التي تستحصل من تلك المشاريع، ويستفيد مالياً من ذلك أصحاب تلك الخيم".

وعن الكمية التي تنتجها كل شتلة تقول عيسى: "كل شتلة تنتج بشكل فصلي 6 كيلو، وسنطور مشاريعنا خلال الفترة القادمة بالمخيم وسنعمل على تجهيز دفئات جدد لعدد آخر من العائلات ذات العسر الشديد".

وفي هذا السياق، زارت "وكالة القدس للأنباء" عدداً من المستفيدين بالمشروع، والتقت مع أبو عيسى الخطيب الذي يقطن في حي البركسات، فقال: "المشروع الزراعي ناجح ومنتج وأقوم بمشاورة فريق العمل الذي يقوم بزيارتي مرة كل أسبوع، حيث يقومون بإعطائي ارشادات زراعية وتوجيهية وعلمية واضحة لإنجاح عملي، ولكي تكون عملية الزراعة منتجة".

وأضاف: "منذ أربعين يوماً قام فريق العمل بتزويدنا بشتول الخيار والفلفل الحلو، بعدما وضع لاحقاً لنا أحواض التراب وركب شبكة قساطل بلاستيكية مع خزان مياه"، موضحاً أن "الخيمة أنتجت عندي منذ عشرين يوماً الخيار والفلفل بكمية بسيطة، ولكنها مشجعة خلال المراحل القادمة".

أما حنان هجاج من حي طيطبا، فتقول لـ"وكالة القدس للأنباء" إن "العمل بالزراعه ضمن الخيمة الزراعية على سطح منزلي هو تجربة جديدة مهمة وممتعة جدا لأن العمل الزراعي يزيد من ارتباط الإنسان بالأرض والوطن والتاريخ ".

وأضافت هجاج أن "مؤسسة ميدكو قدمت لنا بالتعاون مع جمعية ناشط بالمخيم مشروع البيوت المحمية البلاستيكية للتمكين الاقتصادي،وتفعيل الطاقات الإنتاجية للأسر، وتعزيز مبدأ الاعتماد على الذات من خلال تأمين حاجات المنزل من الخضار بأنواعها والكمية التي تزيد ستقوم التعاونيات النسائية التابعة لجمعية ناشط بشراء المحصول الفائض عندنا".

وأكدت أن "الأمن الغذائي لذلك المحصول هو صحي وهو الأهم، حيث أنه خالٍ من أي مواد عضوية أو سموم كيميائية ممكن أن تؤثر على حياة الإنسان ".

بدوره، قال الأستاذ كمال الحاج من حي صفوري لـ"وكالة القدس للأنباء" إنه استفاد من المشروع ومازال يخضع لورش عمل للتطوير الزراعي في جمعية ناشط"، لافتاً إلى أن "مشروع زراعة الأسطح، يهدف إلى تغيير نمط معين من الأسلوب الذي لم يعتد عليه المجتمع الفلسطيني في المخيمات، نتيجة عدم وجود مساحات خاصة للزراعة، وكذلك يهدف هذا المشروع الى تمكين اللاجيء الفلسطيني في المخيمات وخصوصا مخيم عين الحلوة الذي كان البداية منه للانطلاق لتنفيذ المشروع لتمكين اللاجئين الفلسطينيين وخصوصاً المرأة، للاعتماد على نفسها وتمكينها اقتصادياً والنهوض بأعباء الحياة المثقلة بالهموم، نتيجة الظروف الاقتصادية القاهرة التي انعكست سلباً على واقع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان".

المصدر: وكالة القدس للأنباء
تاريخ الاضافة: 07-11-2018
طباعة