"فلسطينيو الخارج".. آن لتلك القوة المعطلة أن تتحرك


بقلم: علاء البرغوثي
جمود غير مسبوق تعيشه الساحة الفلسطينية في عدد من الملفات المركزية منذ حوالي عقد من الزمن، جمود ترافق مع انحسار كبير في التفاعل العالمي والعربي والإسلامي مع القضية الفلسطينية. ويعود ذلك الجمود لأسباب متعددة خارجية وداخلية، ولعل أبرز تلك الأسباب هو الانقسام في الساحة الفلسطينية، وهنا لا أقصد الانقسام (الفتحاوي - الحمساوي)، أو الانقسام (الفتحاوي، الفتحاوي) فبالرغم من خطورة تلك الانقسامات إلا أنه هناك انقسام سابق أعمق وأخطر بدأ منذ توقيع اتفاق أوسلو عام (1993).

ذلك الانقسام الذي بدأ يتسع شيئاُ فشيئاً بين فلسطينيي الخارج والداخل والذي امتد ليصل إلى تهميش دور "فلسطينيي الخارج" وتعطيلهم عن المشاركة في صناعة القرار الفلسطيني، واقتصار دورهم على بعض العمل الإغاثي والإعلامي والحقوقي وشيء بسيط جداً من العمل السياسي. انقسام فقدت القضية أحد أهم صمامات أمانها، ولا أبالغ إن قلت إن الانقسامات (الفتحاوية - الحمساوية) أو (الفتحاوية - الفتحاوية) ما كانت لأن تبلغ هذه الدرجة من الحدة لو أن "فلسطينيي الخارج" كانوا مشاركين في صناعة القرار السياسي الفلسطيني.

التعطيل والوقت الحرج

لعلّ ما يبرز الحاجة لإعادة النظر بدور "فلسطينيي الخارج" ومحاولة تفعيله هي الفترة الحرجة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني حيث يأتي انسداد الأفق السياسي وسط خسائر بشرية ومعنوية مؤلمة أصابت معظم أعمدة القضية الفلسطينية فمن آلاف الشهداء من الفلسطينيين في سورية ومعاناة فلسطينيي لبنان والعراق، إلى تهويد متسارع في القدس، وحصار مستمر في غزة، ومصادرة أراضي في الضفة، وهجمات عنصرية مسعورة على أبناء فلسطين في الأراضي المحتلة.

نرى انسدادا في الأفق السياسي الداخلي، واستجابة بعض الجهات في الداخل الفلسطيني إلى الضغوط الإقليمية والدولية، يجعل الحاجة ملحة إلى أن يعود "فلسطينيو الخارج" ليشغلوا مكانهم المفترض في مسيرة الحرية والتحرير الفلسطينية. فكم من عائلة لاجئة، وعائلة مقدسية، وعائلة محاصرة في غزة، تضررت من هذا الجمود الذي يستغله الاحتلال أبشع استغلال.

الشخصيات الأكاديمية والمؤسسات الأهلية عماد لتحرك "فلسطينيي الخارج"

إن المطلع على إنجازات الشعب الفلسطيني في الخارج يرى أن نجاحات أبناء شعبنا تتركز على شقين أساسيين الأول هو النجاحات الشخصية لأبناء فلسطين في الخارج حيث بات فلسطينيو الخارج يشغلون العديد من المناصب الأكاديمية والعلمية والسياسية في الدول التي يتواجدون بها، لكن دون أن يفسح لهم المجال بقصد أو دون قصد للمشاركة في صناعة القرار السياسي الفلسطيني، ولعل المشكلة ذاتها تسقط على الشق الثاني المتضمن المؤسسات الأهلية العاملة لفلسطين في دول آسيا وأوروبا وإفريقيا، وأمريكا اللاتينية.

وربما أي حراك لإعادة تفعيل قوة "فلسطيني الخارج" عليه أن يبنى على تلك الشريحتين من أبناء فلسطين في الخارج وذلك لما تتمتعان به من مصداقية وتأثير لدى أبناء الجاليات الفلسطينية والتي تفوق تأثير الفصائل الفلسطينية بعشرات الأضعاف.

"حراك عالمي لفلسطيني الخارج" قد يكسر الجمود

ما نحتاجه اليوم وأكثر من أي وقت مضى هو العمل على محاولة جمع وتوحيد جميع تجارب العمل الجماعي الفلسطيني في الخارج ومحاولة إنضاجه وتطويره سعياً لأن يستعيد فلسطينيو الخارج مكاناتهم الضائعة، وهناك تجارب يبنى عليها كالمؤتمر السنوي لفلسطينيي أوروبا والذي يعد من أبرز الفعاليات التي تجمع الفلسطينيين في الخارج.

استعادة دور "فلسطينيي الخارج" ليس منوطاً بجهة معينة فقط، ولا هو منوطاً بالمثقفين والنخب فقط، بل هي مسؤولية ملقاة على عاتق كل فلسطيني في الخارج، فاللاجئون يعانون الأمرين، والقدس تهود، وغزة محاصرة، والاستيطان مستمر، ولعل هذا الانسداد يضاعف المسؤولية الملقاة على عاتق أبناء فلسطين في الخارج، ليتحركوا ويكسروا الجمود ويحافظوا على الثوابت والحقوق.
تاريخ الاضافة: 19-02-2017
طباعة