غزة ترسم النصر من وسط الركام




غسان مصطفى الشامي
تكتب غزة العتيدة في هذه الأيام ملامح النصر وبشائر التحرير وخارطة الطريق لدحر الاحتلال عن أرض فلسطين، وترسم غزة الصامدة بسواعد رجالها ومقاومتها الباسلة ترسم أسمى معاني التحدي والمواجهة لطغيان هذا العدو المتغطرس، الذي يحتل أرضنا منذ أكثر من ستين عاما دون أن يقف في وجهه أحدا من الزعامات والقامات العربية؛ ولكن اليوم غيّرت المقاومة الفلسطينية موازين الرعب لدى العدو الصهيوني وغيّرت موازين الصراع التاريخي، وغيّرت المقاومة المعادلة لدى كل القوى العالمية، ليصبح قطاع غزة الصامد صغير المساحة محط انظار العالم، وهو يمثل بوابة الدفاع عن شرف الأمة العربية والإسلامية ومواجهة طغيان وتغول العدو الصهيوني على أرض فلسطين.

إن صمود غزة وباسلتها في مواجهة العدو يمثل مداد عزة وكرامة لكل أبناء الأمة العربية والإسلامية، كما أن صمود غزة رسالة إلى العدو أن المقاومة تعد وتجهز نفسها لمعارك أخرى لتحرير باقي تراب فلسطين وتحرير القدس والمسجد الأقصى المبارك من دنس العدو الغاشم ..

غزة يا كرام تصنع العز والمجد وتصنع نصرا كبيرا للأمة الإسلامية في حربها الثالثة مع العدو الصهيوني، فقد أثخنت المقاومة الفلسطينية الآلام في هذا العدو وأذاقته الويلات، وستجبر هذا العدو على الرضوخ لمطالب المقاومة والموافقة رغم أنفه على شروطها وسيخرج العدو من هذه الحرب يجر أذيال العار و الهزيمة، بعد أن دمر الآلاف من المنازل وقتل النساء والأطفال والشيوخ وعاثت طائراته الحربية تدميرا وخرابا في كافة أحياء ومحافظات قطاع غزة الصامد.

المتجول في شوارع غزة ومدنها يشاهد حجم الدمار الكبير الذي خلفه الاحتلال الصهيوني في هذا العدوان، ويشاهد ما حل من دمار كبير جدا في حي الشجاعية الباسل وفي بيت لاهيا وبلدة بيت حانون وغيرها من محافظات غزة، ويدرك أن بنك الأهداف الصهيوني في هذه الحرب الهمجية البربرية تمثل في قتل الأطفال والنساء وتدمير الآلاف من المنازل وتدمير الطرق والبنى التحتية، حتى تعيش غزة منكوبة لسنوات طوال ولا يفكر أهلها إلا في اعمار بلدهم وتأمين حاجياتهم الأساسية في الحياة من ماء وكهرباء وطعام، هكذا يفكر العدو الصهيوني لأهل غزة؛ ولكن خاب وخسر هذه التفكير، ففي غزة رجال بواسل، وسواعد جبارة ستبني وتعمر قطاع غزة وتستعد لمواجهة جديدة ومعركة جديدة مع العدو الصهيوني، وستبقى غزة رغم الحصار والدمار آمنة مطمئنة ولا تسمح لأقدام الجندي الصهيوني أن تقترب من أرض غزة، ستبقى غزة التي كبدت الجيش الصهيوني الخسائر الكثيرة ستبقى شبحا يطارد الجندي الصهيوني في نهاره وليله.

لقد اختلفت المعادلة في الصراع مع العدو الصهيوني، وهذه المعركة التي تخوضها غزة لوحدها وترسم مسارات النصر والعزة والكرامة لفلسطين وللأمة العربية الإسلامية ستغير من الواقع وسترغم العدو الصهيوني على التقهقر وستغير الكثير من الموازنات في المنطقة العربية قاطبة، والمستقبل مخيف ومرعب للعدو الصهيوني خاصة أنه على المنظور البعيد تغيرت النظرة للكيان الصهيوني، وبات جسده المريض يحيا موتا بطيئا، وبدأت علاقات العدو الصهيوني تنحسر وتتقلص، والقادم أكثر حيث سيواجه جنرالات وقادة إسرائيل محاكمات دولية ومقاطعات في الكثير من الدول، فاليوم أدركت شعوب العالم قاطبة كذب "إسرائيل " ودجلها على العالم، وأدركت الشعوب خاصة الأوربية الظلم الكبير الواقع على الشعب الفلسطيني الذي يعاني التهجير والتشريد ويبحث عن أرضه ووطنه وحقوقه الضائعة في أروقة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

غزة اليوم على موعد مع تاريخ النصر وعلى موعد مع مرحلة جديدة من مراحل البناء والإعمار والصمود والمقاومة، وآن الأوان لهذا الحصار المرير أن ينتهي وآن الأوان لسنوات المعاناة أن تزول وأن تحيا غزة عهدا جديدا، بعد هذه التضحيات الجسام وبعد هذه الآلام الكبيرة، ولن يقبل الشعب الفلسطيني إلا أن تتحقق شروط المقاومة الفلسطينية في هذه المعركة، ولن يقبل الشعب الفلسطيني أن تعود الأمور إلى الوراء دون تقدم أو تحرك..

ترسم اليوم غزة الصامدة بجهادها الكبير ومقاومتها الباسلة الجديدة طريق التحرير من ظلم الاحتلال، وطريق العزة والكرامة والعيش بحرية وإباء لتنطلق مسيرتها التحرير الأكبر نحو القدس والمسجد الأقصى المبارك، وستدك غزة حصون الحصار وتدك غزة حصون الاحتلال وترفع رايات النصر وأعلام الحرية وستبني وستعمر أرضها من جديد وليس ذلك على الله بعزيز .. ستنتصر غزة بشموخ أبنائها وسواعد رجالها وستنتصر المقاومة الفلسطينية الباسلة وستدحر المحتل الغاشم إلى مواقعه مهزوم منكسر ولن تنتهي المعارك مع العدو حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني ودخول القدس والمسجد الأقصى مهللين مكبرين بإذن الله.
تاريخ الاضافة: 09-08-2014
طباعة