ســـــرُّ التمــــيــــّز

http://www.imamu.edu.sa/support_deanery/quality/event/PublishingImages/Logo1.png
بقلم: أحمد كمال
في بلاد الفرنجة
عندما أزور بلاد الفرنجة أتعجب من النظام و النظافة و أن كل شئ منسق و معتنى به ، و لن أسهب في وصف ذلك فهو شئ غدا مفهوما و معروفا من أيام كتاب بيرم "السيد و مراته في باريس" ، و رغما عني أقارن ما أراه في بلاد العالم الأول ببلاد حضارة 7000 سنة في قول و 5000 سنة في قول آخر ، و أتذكر من يقول إذا كان عندهم جمال الدنيا فلنا الآخرة إن شاء الله ، و هو قول مأثور يقوله كثير منا عندما نتحسر على أحوالنا بالمقارنة بما نراه هناك ، و لكني أعود فأقول لنا الآخرة لو كان ما نفعله هو زهدا في الدنيا و ترفعا عنها ، و لكن الحقيقة أننا فشلنا في الحصول على الدنيا رغم رغبتنا فيها و تكالبنا عليها ، و في المقابل كان أسلافنا سادة الدنيا مع الزهد فيها . تختلط في ذهني الأفكار ، و تتشوش أكثر و أنا أتذكر أغنية "يا مصري ليه دنياك لخابيط ؟"

في المدرسة
عندما كنت تلميذا في المدرسة كنت أحب و أتمنى دائما أن أكون من المتفوقين ، و أتذكر أنني كنت أتحمس جدا قبيل بداية كل عام دراسي و أنوي ان أكون الأول هذا العام ، و كنت أحيانا أحقق هذا بالفعل ، و أحيانا أخرى كان الحماس يفتر بعد الأسابيع الأولى و مع صعوبة المواد الدراسية و مع وجود منافسين أقوياء يتراجع مركزي بينهم . لم أكن أفهم السر في هذا التباين إلى أن اكتشفت أن التفوق يحتاج إلى مجهود مستمر و حماس دائم في سبيل تحقيق الهدف.

في الدعاء
عندما يدعو الإمام "اللهم بلغنا الفردوس الأعلى من الجنة" يهزني هذا الدعاء ، لقد أوصانا به النبي صلى الله عليه و سلم ، و لكني أتسأل في نفسي : هل أستحقه ؟ هل أعمل من أجله ؟ هل استجابة الدعاء أن يمن الله علي بهذه الدرجة دون عمل مني ، أم أن يوفقني إلى عمل يبلغني هذه الدرجة ؟

سر التميز
يجمع بين المواقف السابقة أن جميعها يتعلق بأهداف ، و لا سبيل لتحقيق هذه الأهداف إلا بالتميز ، و سر التميز هو وضوح الهدف ، و العمل و تحمل المشاق من أجله ، و الإصرار عليه ، و الاستعانة بالله لتحقيقه .

يسهل على الإنسان التمني ، و يصعب عليه تكبد المشاق ، و تحمل المسئولية من أجل الحصول على ما يتمنى ، مع أن هذا هو الطريق الوحيد لتحقيق أمانيه . و هذا هو ما يجعل المتميزين قلة بين الناس ، و هذا هو سبب أن يعيش و يموت كثير من الناس دون أن يتركوا وراءهم أثرا لأنهم آثروا الراحة و الكسل . يقول د. مصطفى محمود في أحد كتبه :

"إن السلالم إلى الأدوار العليا موجودة طول الوقت ، و لكن لا أحد يكلف نفسه بصعود الدرج و الأغلبية تعيش و تموت في البدروم .. و لو كلف أحد منهم نفسه بالصعود .. و تحمل مشقة الصعود و شاهد المنظر من فوق ، لبكى ندما على عمر عاشه في البدروم بين لذات لا تساوي شيئا و لكنه الضعف الذي ينخر في الأبدان ."

تحرك الآن ! حدد نقاط قوتك ، و حدد أهدافك ، و قرر أن تتميز فيما تريد أن تحققه ، و استعن بالله و لا تعجز
تاريخ الاضافة: 07-06-2013
طباعة