عبد الرحمن.. مواطن بغزة يعيش حياة "خُرافية" !



محمد السيقلي – الرسالة نت
اعتاد المارة بشارع عمر المختار رؤية رجل شاحب الوجه، يحمل على ظهره كيساً بني اللون، ماداً يده طالباً العون.
كان قدراً أن يوقف هذا الرجل "الرسالة نت" سائلاً حاجة يُعين بها من خلفه، بيد أن الأخيرة ارتأت أن تكون دالة على الخير، و"الدال على الخير كفاعله".
الرجل يدعى "عبد الرحمن اشكنتنا" يبلغ من العمر 55 عاماً ويقطن حي الشجاعية غرب مدينة غزة.
عبد الرحمن عاطل عن العمل، ويعيل ثمانية أطفال ولا يتلق أية معونات، ويقول إنه يعيش وعائلته حياة "خرافية" لا يحياها بشر !
لا تتجاوز مساحة بيته الـ 100 متر، ولا سقف يعلوه، أو حتى أبواب داخلية تستر سوأة قاطنيه، وباب المنزل الرئيسي عبارة عن "لوح زينقو" مهترئ وجده في إحدى نفايات الحي.
تعيش عائلة عبد الرحمن أوضاعاً مأساوية، وكأنها "ضرب من الخيال". وفق وصفه
يقول: "غالباً ما نتناوب على وجبات الطعام التي أتحصل عليها بعرق الجبين، وتجد منا من يؤثر الآخر على نفسه، ويبادله أخاه ذات الشعور في اليوم التالي".
احرورقت عيناه وصرخ بحرقة: "أقسم بذات الله، أحياناً تجد الدواب تأكل أفضل منا" !
يواظب عبد الرحمن على استقبال أطفاله الصغار بابتسامة بريئة، هي في أساسها دلالة على أنه يحمل في جعبته الكثير.
"كيس خيش" هو رفيق عبد الرحمن في تجواله بشوارع غزة، يحمله على ظهره أثناء بحثه عن رزق له وأطفاله، يحرص على العودة ليلاً إلى منزله وقد ملأ الكيس بالطعام "وإن كان فاسداً بعض الشيء".
رائحته نتنة للغاية، ويعاني أمراضاً مزمنة كالكبد الوبائي والسكري، وقد تتفاجئ أنه لا يتعاطى أية علاجات أو أدوية !
كان عبد الرحمن يمتهن سابقاً أعمالاً عدة أبرزها البناء، إلى أن أقعده حادث عرضي سبَّب له إعاقة، كانت بحد ذاتها معيقاً رئيسياً أمام إيجاد عمل آخر.
يتأثر عبد الرحمن ملياً بنظرة المجتمع له، يقول لـ "الرسالة نت": "والله إن نظرات الناس تصيبني بعلة في قلبي.. لماذا لا يرأفون بحالي؟".
يبدأ يوم عبد الرحمن من شروق الشمس وينتهي بغروبها، وأكثر ما يجنيه طيلة هذه الفترة "20 شيكل" فقط.
عادة ما يجلس عبد الرحمن أمام المحال التجارية، لا ينظر للنقود فقط إنما يبحث عما يسد جوع ورمق أطفاله الصغار.
طأطأ عبد الرحمن رأسه يريد أن يخفي دموعه التي انسالت بدون إذن مسبق، وقال "نفسي يا رب أعيش يوم مرتاح".
تاريخ الاضافة: 09-11-2012
طباعة