أهل الصبر لن يخذلوا

http://www.s-alaqsa.com/up/uploads/s-alaqsa13186743291.jpg

ماجد أبو مراد
شعبنا الفلسطيني فاق جهاده كل حد، وسجله ممتلئ بالنماذج المشرقة والمشرفة من نساء صابرات ومجاهدين ومجاهدات ضحوا بالكثير من أجل أن يحيا الفلسطيني كريما في أرضه عزيزا بوطنه ،وعلى سبيل المثال فإن قائمة خنساوات فلسطين تطول ،وإن كانت الخنساء الأولى قد استشهد أربعة من أولادها في معركة القادسية بعد خروجهم للجهاد فإن بعض خنساوات فلسطين تجاوز عدد أبنائهن الشهداء عدد أبناء الخنساء الأولى ،وبعضهن قد أصررن على وداع أبنائهن قبل الخروج للقتال وهن يعلمن أنهم لن يعودوا للحياة - البتة -ولن يكون لهم مصير إلا أن يقضوا نحبهم شهداء في سبيل الله تعالى.

لقد كشفت صفقة وفاء الأحرار عن بعض تلكم النماذج، متمثلة بزوجات وأمهات الأسرى، حيث الصبر الأسطوري الذي تحلين به طيلة سنوات غياب أزواجهن أو أولادهن ،بل ولاقين ما لاقين من العناء في ظل غيابهم دون أن تنكسر لهن إرادة أو تلين لهن عزيمة وواصلن الدرب حتى من الله عليهم وعليهن بالفرج والتحرير بفضل الله ثم بفضل صبر شعبنا وجهاد مجاهدينا وكتمان السر لآسري الجندي الصهيوني على مر سنوات خمس ويزيد، بالرغم من كل الإجراءات والاحتياطات والأنشطة والتدابير الأمنية التي اتخذها الاحتلال وجيشه –المهزوم نفسيا – جراء حادثة خطف شاليط وعلى الرغم من كون غزة عبارة عن بقعة جغرافية صغيرة.

رأينا زوجات لأسرى فلسطينيين انتظرن أزواجهن لفترات طويلة وهم خلف قضبان العدو، منهن من انتظرت عقدًا من الزمن وأخريات عقدين وبعضهن أكثر من ذلك بقليل دون أن يفقدن شيئًا من صبرهن ولا ثقتهن بيوم التحرير ،وقد حملن خلال فترات الاعتقال تلك مسؤوليات كبيرة وعظيمة بدءا من تدبير أمور بيوتهن وحاجيات أسرهن ومرورا بتحمل أعباء الحياة المختلفة وليس انتهاء بتربية الأولاد لمن كان لها أولاد منهن، ناهيك عن نماذج أخرى غاية في الصبر كمن لم يمض على زواجهما سوى بضعة أشهر وقررت زوجاتهم أن ينتظرنهم رغم أنهم يمضون أحكاما بالسجن المؤبد أي مدى الحياة.

وعلاوة على من عقدوا قرانهم وهم خلف قضبان سجون العدو كأحلام التميمي وابن عمها نزار اللذين كان كلاهما يمضي حكما بالسجن المؤبد بل عدة مؤبدات وقد مثل عقد القران هذا خطوة - ليست بالعادية - أغاظت السجان إلى أبعد حد ،كل تلك النماذج كتب الله لها أن تنعم بالفرح وأن تعيش لحظات سعيدة وتتنفس عبير الحرية وتعانق الأحباب بعد طويل غياب ،وهو أمر لم يكن بمقدور المرء أن يتخيله من قبل أو حتى يتوقع حدوثه يوما من الأيام نظرا لعنجهية المحتل وعناده وإصراره على الاحتفاظ بأسرانا الأبطال تحت ذرائع مختلفة أبرزها أنه يوجه لهم تهمة ( تلطخ أيديهم بدماء الإسرائيليين ) والحقيقة أنهم قد تعطرت أيديهم بذلك الدم.

ستبقى السيرة العطرة لكل من جاهد وضحى وقاوم العدو من أجل أن يحيا شعبنا ماثلة في أذهان أجيال فلسطين المتعاقبة، إذ أننا لا يمكن أن ننسى على سبيل المثال فاطمة الشيخ خليل (ام رضوان) التي تسكن مدينة رفح وقدمت خمسة من أولادها شهداء في سبيل الله وبذلك استحقت لقب خنساء فلسطين، ولن ننسى تضحيات أحلام التميمي بجهادها وتضحياتها وصبرها وكذلك زميلاتها الأسيرات اللواتي تجرعن مرارة السجن، وأخيرا نقول، إن من صبر لن يخذل وقد جنى أسرانا الأبطال وذووهم ثمرة صبرهم وعانقوا الحرية بعد سنوات قضوها في غياهب السجون، وذلك مصداقًا لقول الله تعالى "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".
تاريخ الاضافة: 12-11-2011
طباعة