إنه ربيع للعرب وفلسطين

http://www.arab-album.com/album/d/46853-3/anemone+flower+_32_.jpg

د. فايز أبو شمالة
يتشكك كثير من الكتاب والمفكرين بالربيع العربي، ويحسبون ما يجري من تغيرات إستراتيجية في المنطقة صناعة أمريكية، بل وذهب بعض الكتاب إلى احتساب ما يجري من ثورات عربية على أنه مخطط إسرائيلي، تم إعداده من سنوات خلت، ويهدف إلى إضعاف الأمة العربية، وتمزيقها إلى قبائل، وتفتيتها إلى شرائح، ولعل حديث الأستاذ محمد حسنين هيكل، لصحيفة الأهرام المصرية، يلخص كثيراً من هذه الآراء، ويعكس تخوفاً بدأت تعيشه بعض القوى السياسية العربية، ولاسيما بعد أن كسا الربيع العربي وجه الأرض بلونه الأخضر.

 لا أخالف السيد هيكل الرأي حين يقول: ما نراه في هذه اللحظة هو مشروع قومي يتهاوى، وبقاياه تجري إزاحتها الآن، ومشروعات أخرى تتسابق إلى الفراغ، بعد أن أضاع ذلك المشروع مكانه وزمانه". لأضيف: طالما أضاع المشروع القومي مكانه وزمانه، وتهاوى كما يشير الأستاذ هيكل، فمن باب أولى أن يفتش الشعب العربي عن المشروع الأنسب لثقافته، والمنسجم مع عقيدته، والأقدر على حل مشاكله، والقادر على ربطه بعجلة الحضارة، وهذا ما حاول أن يتهرب منه السيد هيكل وهو يقول: إن الاعتراف الأمريكي الغربي بالإخوان المسلمين لم يأت قبولاً بحق لهم، أو إعجاباً، ولا حكمة، لكنه جاء قبولاً بنصيحة عدد من المستشرقين لتوظيف ذلك في تأجيج فتنة في الإسلام لصالح آخرين. وهنا نسأل السيد هيكل، إذا كان الاعتراف الأمريكي بالقوى السياسة مستهجن، فلصالح من كان الاعتراف الأمريكي والغربي بأنظمة الحكم العربي عشرات السنين، وما الذي جنته الشعوب  العربية من ذلك الاعتراف؟ ألم يكن الاعتراف الأمريكي بالأنظمة العربية وبالا ًعلى الشعوب، وخيراً وفيراً على دولة إسرائيل؟

قد يكون للأستاذ هيكل بعض الحق في التخوف من المستقبل، ومن المخططات الغربية الهادفة إلى مواصلة السيطرة والاستغلال للبلاد العربية، ولكن هل كان حال العرب قبل الثورات يصب في صالح الشعوب العربية؟ هل كانت بلاد العرب محررة حقاً، ووقفت عائقاً وسداً في وجه الوجود الصهيوني المتشعب فوق ترابهم؟

سأفترض احتمالين قد تسفر عنهما حالة الحراك العربي في الزمن الراهن؛ الاحتمال الأول: أن تنجح الثورات العربية، وتأتي بالجديد الذي هو في صالح الشعوب العربية. والاحتمال الثاني: أن تفشل الثورات العربية، وتتمكن أمريكا والغرب من احتوائها، وفي هذه الحالة لن يخسر الشعب العربي إلا حاكمه الراهن، والحاشية التي أظلمت أفقه عشرات السنين! ".

لا شك أن الأستاذ هيكل قد أمسك بالمعلومة ولكنه أشاح بوجهه عن الحقيقة، وتهرب من الاستنتاج المنطقي للثورات العربية، وسأضرب على صحة كلامي مثلاً من حديث الأستاذ هيكل نفسه، حين يقول متشككاً بمسار الثورة الليبية: إن نفط ليبيا جرى توزيع امتيازاته فعلاً، وبنسب أذيعت على الملأ، وكانت 30% للشركة الفرنسة و20% للشركة البريطانية، وليست أمامي الآن نسب التوزيع فيما بقي، لكن ايطاليا تطالب بحق مكتسب، ثم إن الشركات الأمريكية تلح على دخول قائمة الوارثين.

انتهى حديث الأستاذ هيكل، دون أن يقدم جواباً للسؤال التالي: أين كان يذهب النفط الليبي قبل ثورة الشعب الليبي؟ بل أي كانت تذهب عوائد النفط الليبي في زمن القذافي؟ هل كانت توظف في خدمة الشعب الليبي، أم كانت تهدر عبثاً لخدمة أفراد، وأمزجة شركات نفط الدول الأوربية ذاتها الوارد ذكرها في حديث هيكل نفسه؟
إن ما نشهده في هذه الأيام هو ربيع عربي، وسيكسو لونه الأخضر وجه الأرض.
تاريخ الاضافة: 25-10-2011
طباعة