« لقاء مع الأديب والناقد الفلسطيني وليد أبو بكر »







http://www.thaqafa.org
أكد الناقد والأديب وليد أبو بكر اختلاف المشهد الثقافي الفلسطيني بحسب أماكن تواجد الفلسطينيين أنفسهم..فالإنتاج الأدبي في أراضي الـ/48/ مختلف عن إنتاج الضفة الغربية وقطاع غزة.. ومختلف عن إنتاج الشتات تماما، ولكل مكان خصوصيته المختلفة كليا عن المكان الآخر.. فإنتاج الـ /48/ هو إنتاج صمود، وإنتاج الـ /67/ هو إنتاج مقاومة بصفة عامة، أما إنتاج الشتات فهو إنتاج حلم. ورأى في حوارنا معه أن أهم ما يميز الأدب الفلسطيني بشكل عام هو حالة القلق التي يعيشها، وفي حديثه عن الحالة الإبداعية أكد الأديب أبو بكر أنه يراهن على جيل الانتفاضة الأولى سواء في الرواية أو القصة أو الشعر.

ويذكر أن الأديب وليد أبو بكر يعمل حاليا مديرا لمركز أوغاريت الثقافي وأمينا للعلاقات الخارجية في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، وهو روائي وناقد ومترجم، وقد صدر له أكثر من عشرين كتابا في فنون الأدب المتنوعة بين الشعر والرواية والمسرحية والنقد الأدبي والمسرحي، منها أربع روايات هي: العدوى والخيوط والحدونة والوجوه، وصدر له أيضا عدة دراسات نقدية هي: صورة العربي في الأدب الإسرائيلي والواقع والتحدي في رواية الأرض المحتلة وقراءة في أدب سميرة عزام ولغة الجسد على خشبة المسرح والقضية الاجتماعية في المسرح الكويتي والصوت الثاني في القصة الكويتية والبيئة في القصة الخليجية والأرض والثورة وتجليات الواقع في الفن القصصي والكتابة بنكهة الموت .

* –بداية، هل يمكن الحديث عن المشهد الثقافي الفلسطيني في الداخل اليوم ؟
- عندما نتكلم عن الإنتاج الإبداعي داخل فلسطين لابد من الإشارة إلى أن صورته قد تكون زاهية في الخارج، وهذا من حقه لأن كل الإنتاج الثقافي الفلسطيني في الداخل هو إنتاج مقاومة لأنه يحدث تحت الاحتلال.. ولأننا نتحدث عن الفلسطينيين تحت الاحتلال، وهما شقين الفلسطينيين في أراضي الـ /48/، والفلسطينيين داخل الضفة الغربية وقطاع غزة، فالإنتاج الأدبي في /48/ مختلف عن إنتاج الـ /67/ ومختلف عن إنتاج الشتات تماما، ولكل مكان خصوصيته المختلفة كليا عن المكان الأخر..فإنتاج الـ /48/ هو إنتاج صمود، وإنتاج الـ /67/ هو إنتاج مقاومة بصفة عامة، أما إنتاج الشتات أي الإنتاج الخارجي فهو إنتاج حلم. فانا مثلا عشت سنوات طويلة في الخارج وكانت فلسطين بالنسبة لي حلم، وعندما عدت إلى فلسطين قبل /12/سنة، اكتشفت أن الواقع مختلف عما كنت أتصور ، وبالتالي فان الصيغة التي يجب أن نتعامل معها إبداعياً مع الواقع مختلفة عن الطرق التي كنت اكتب بها روايتي وأنا في الخارج.

*ما أهم ما يميز الأدب الفلسطيني بشكل عام؟
لعل أهم ما يميز الأدب الفلسطيني هو حالة القلق التي يعيشها، وهذه الحالة تنطبق على النتاج الأدبي في أراضي الـ 48 أو في الضفة والقطاع أو في الشتات، ولكن حتى هذا القلق تراه مختلفا بحسب المناطق، قلق الـ /48/ هو أن نبقى، لأن الأقلية العربية في الكيان الصهيوني استطاعت، رغم كل المعيقات، ان تحافظ على وجود الثقافة العربية، خصوصاً عبر الأحزاب اليسارية التي أصرت على هذا، والتي قد نختلف مع مواقفها السياسية وأسلوبها في التعامل مع الكيان الذي اغتصب أرضنا، لكنها ح افظت على الهوية الفلسطينية في الداخل. أما بالنسبة لـ /67/ أو أراضي السلطة الفلسطينية القلق فيها يتعلق بانكسار الحلم.. بالعودة المنقوصة.. بالإحساس بالكثير من العبثية في طريقة مواجهة الاحتلال، هناك تجاذب بين السياسي والثقافي، السياسي يتصور أنه يمكن التعايش مع الاحتلال في إطار دولة فلسطينية مصغرة، بينما الثقافي لا يؤمن بذلك، أنا أتحدث عن الثقافي الأصيل، وليس عن ثقافة السلطة التي تعبر عما تريده السلطة. الثقافي الفلسطيني الأصيل لديه قناعة مطلقة بأن هذه الأراضي فلسطينية و يؤمن بان التعايش مستحيل، ليس من وجهة نظرنا، بل لأن الاحتلال يؤمن بحقه او بضرورة أن يبقى في هذه الأراضي الفلسطينية بكاملها. أما بالنسبة لـ فلسطيني الشتات أيضا فهم فجعوا بما حدث في العودة المنقوصة.

*وكيف تم التعبير عن حالة القلق هذه على الصعيد الأدبي في الداخل؟
 يمثل هناك ثلاثة اتجاهات في التعبير. الاتجاه الأول من كانوا هناك قبل مجيء السلطة، وأنا فوجئت بأنهم كانوا في عزلة ثقافية، وأنهم ما زالوا يتحدثون ويتصرفون ويكتبون بروح الخمسينات، لم يتطوروا بسبب العزلة، حتى الاتجاهات الحديثة في الكتابة لم تكن في متناولهم، ولذلك فان هذا الجيل الذي عاش في عزلة لم ينتج شيئاً مهما.
 الجيل الآخر الذي عاد مع السلطة، نرى أن الشاعر الوحيد الذي حافظ على قدراته الإبداعية وطورها هو محمود درويش، وعى صعيد القصة هناك " محمود شقير " الذي لم يتطور فقط بل قفز قفزات إبداعية كبيرة جدا ، وهو أهم كاتب قصة فلسطيني ومن أهم الكتاب العرب.
والآخرون جميعاً دون استثناء ..شعراء وغير شعراء، إنتاجهم تدنى، وأصبح أسوأ مما كان، مع الإشارة إلى أن معظم الذين عادوا هم من الشعراء ، ويمكن تفسير ذلك نقدياً لأنهم دخلوا فلسطين بروحية صلاح الدين الايوبي، وهناك اكتشفوا أن هذه الروحية ليست هي التي أوصلتهم بل روحية أخرى سلبية وليست إيجابية، وحين يحس الإنسان بان ليس حلمه، وبما أن التعبير الأدبي حلم، أصبح التعبير عن الحلم مرتبك، لذلك تدنى مستواهم جميعا، واذا قارنا بين كتابة أي شاعر من هؤلاء وهو في الخارج، لاسيما أولئك الذين كانوا معروفين بجودة كتاباتهم وشعرهم، ترى أن إنتاجهم في الداخل كان اقل مستوى بمراحل وان كتاباتهم في الداخل تراجعت كثيرا عما كانوا عليه، وهناك بعض الأدباء الذين انساقوا للأسف وراء السلطة، وأصبحوا جزءاً منها وأساؤوا إلى الثقافة الفلسطينية، ومنهم أسماء كبيرة.. أسماء قادت اتحاد الكتاب الفلسطيني في زمن كان مقاوماً، هذا الجيل باستثناء محمود درويش،  إما انه معتكف الان يكتب من معتكفه مثل أحمد دحبور، أو أنه يسيء إلى الثقافة الفلسطينية، بتبني وجهات نظر لها علاقة بالتطبيع أو التعايش.. الأمر الذي خلق او اوجد اتجاهات سلبية في الثقافة الفلسطينية. وأشير هنا إلى أنني قد كتبت مرارا في هذا الأمر وسميت الأشخاص بأسمائهم.
يبقى جيل آخر هو جيل الانتفاضة الأولى التي غيرت الكثير من الأشياء، حتى المواقف الإسرائيلية نفسها غيرتها الانتفاضة الأولى ونتج جيل في " إسرائيل" يؤمن بأنه لا يمكن أن تحكم هذا الشعب إلى الأبد، وان هناك مسافة بين أن تحكم هذا الشعب وتطلعاته إلى الحرية.
هذا الجيل، وهو في الثلاثينات من العمر الان،  عاش الانتفاضة الأولى ورمى الحجارة وتثقف وعاش حياته وهو يكتب الآن ويعلم أن  كل مأساته سببها الاحتلال المباشر .. هذا الجيل يعبر من خلال كتاباته عن قضيته بطريقة غير مباشرة، وإنتاجهم مختلف تماما عن كل الإنتاج الفلسطيني سواء كان شعرا أو رواية أو قصة، في الرواية اتكأوا على التاريخ ولم يعيدوا كتابته، وهناك ما لا يقل عن 33 كاتبا من جيل الشباب قد برزوا في فن الرواية وكتبوا ما يزيد على 48 رواية منذ عام   1993 ومعروف ان الرواية هي تلخيص للذاكرة.. وبشكل عام أنا أراهن على هذا الجيل واعتقد جازما أن مستقبل الثقافة الفلسطينية تكمن في هذا الجيل.

* هل يمكن الإطلال على بعض الأسماء التي تحدثت عنها ؟
 لقد نشرت خلال الخمس سنوات الماضية، في مؤسسة " اوغاريت" التي اديرها، أعمال لـ حوالي خمسين كاتبا وكاتبة، واراهن على ان هذه الأسماء ستكون هي المنتجة الحقيقية في الثقافة الفلسطينية، سواء على صعيد الشعر او القصة او الرواية، وبالمناسبة فان مؤسسة " أوغاريت"  تتبنى فقط الكتاب الأول للكاتب، ومن النادر أن تنشر كتابين لكاتب واحد لأنها معنية بتقديم الكاتب، ويتم ذلك من خلال لجنة قراءة من الأدباء لا تكتفي بأن تقرأ وتقول هذا صالح للنشر وهذا غير صالح، بل تقيم لكل كاتب ورشة ليطور كتابته، إذا وجدت داخل نصه ما يستحق،  حتى يصل هذا الكتاب إلى المستوى الذي يستحق النشر، من خلال هذا العمل برزت لدينا أسماء في كل فنون الأدب، ومن هؤلاء شاب اسمه ( أكرم مسلم ) وهو صحافي وروائي صدرت له رواية " هواجس الإسكندر"، ورواية أخرى، وهو يفهم المشروع الروائي ماذا تعني الرواية ويمكنني القول ان في ذهنه مشروعه الروائي المتكامل، واسم آخر هو (( وليد الشرفة )) وهو أستاذ في جامعة بير زيت، صدرت له رواية " العائد من القيامة"، وهاتان الروايتان أي (( هواجس الإسكندر والعائد من القيامة )) تحاكمان الانتفاضة الأولى بدراسة مراحلها ونقد نتائجها التي جاءت بالسلطة الحالية، محاكمة فنية وحادة .. محاكمة هجائية ان صح التعبير، هذان اسمان من بين عشرة أسماء على الأقل تكتب الرواية في فلسطين الان،  بعضهم أصبح معروفا وتمت ترجمة أعمال العديد منهم.

*وماذا حول كتاب القصة القصيرة ؟
على صعيد القصة القصيرة هناك كتاب شباب على مستوى عال جدا .. واذكر ان كاتبة شابة تدعى ( أماني الجنيدي ) وهي من مدينة الخليل، جاءتني مرة بنص تطلب نشره وخرجت من عندي باكية لان مواجهتي لها كانت شديدة القسوة بأنك حين تكتبين يجب أن تحترمي ما تكتبين، والطريقة التي تكتبين بها والوسيلة التي ترسلين بها الكتابة لمن سيقرأ ، باعتقادي الان ان أماني الجنيدي هي أهم كاتبة قصة في فلسطين، وهي واحدة من الكاتبات العربيات المميزات، وأنا دائما أتحدث عنها لأنها جاءت بأشياء شديدة البساطة وبعد سنة فقط قفزت ما يعادل عشر سنوات فنياً. نشرنا لها المجموعة الأولى بعنوان " امرأة بطعم الموت" ، والآن لها ثلاث مجموعات قصصية وقصتان للأطفال، منهم قصة عن الخليل تتحدث فيها عن المجتمع الخليلي بعمق وحساسية عالية جدا، ومن المعروف ان المجتمع الخليلي هو من أكثر المجتمعات الفلسطينية تعصبا ..كما كتبت رواية باسم " قلادة فينوس"، وحين كتبت دراسة عن القدس في الرواية الفلسطينية اعتبرتها الرواية الوحيدة وأسقطت روايات لكاتبات معروفات لأنهن تطلعن للقدس من الخارج، ولكن رواية (( " قلادة فينوس" لأماني الجنيدي عالجت قضية القدس من داخلها من خلال أناس يعيشون ويتصرفون وليست وصفاً للقبة الصفراء المذهبة.. ولا للأسواق وبيع المصنوعات الشعبية، وإنما هي تفاعل في حياة الناس وعلاقاتهم، وخرجت بـ رواية فيها الواقع وفيها الأسطورة التي ترتبط بها القدس.. وفيها فانتازيا عجيبة غريبة في بعض ملامحها مخترعة. وهناك في الضفة أيضا على صعيد الشعر اسمين مهمين جدا الأول هو عيسى الرومي وله ديوان واحد واماني الجنيدي.

*هل تنشرون أيضا لكتاب عرب من الـ 48 ؟
بالطبع نحن ننشر لعرب الـ /48/ ، قد نشرنا إنتاجاً في أدب الأطفال والقصة والشعر، وهذا العام نشرنا لشاعر، باعتقادي انه مهم جدا، اسمه " نمر السعدي " وهو حفيد لأحد رجالات عز الدين القسام ..شعره جميل وحداثي لحناً وفكراً. كما قمنا بنشر العديد من الترجمات عن الأدب العبري.

وماذا عن الكتاب والكاتبات في قطاع غزة؟
في قطاع غزة هناك على الأقل عشر شعراء جدد .. وهناك أربع كاتبات يكتبن القصة القصيرة بحس حداثي عالي، منهن كاتبة اسمها (( سماح الشيخ )) تكتب القصة القصيرة جدا بروحية عالية وعمق ملفت، وهناك كاتبة مهمة جدا في غزة أيضا اسمها " سماح حسن " نشرنا لها مجموعة قصصية بعنوان (( مدينة الصمت )) عن واقع النساء في غزة، وهي كاتبة شديدة العمق. والملفت أن معظم كتاب القصة القصيرة هن من النساء، وربما كان السبب هو قدرة المرأة على التأمل في ظل الاحتلال أكثر من الرجل، قد يكون الرجل مشغولا بالقضايا السياسية والحياتية أكثر من المرأة.

* – هل يمكن أن نتحدث عن حركة النشر بشكل عام في الأرض المحتلة؟
-باعتقادي ان مؤسسة " اوغاريت " هي دار النشر الوحيدة التي تتيح للكتّاب أن ينشروا انتاجهم ليس مجاناً فقط، بل يتقاضون مكافأة أيضاً، وعلى صعيد دور النشر التجارية هناك دارين و لايقدم على النشر فيهما الا من يستطيع ان يدفع تكاليف نشر كتابه، ومن جانبها وزارة الثقافة أخذت تنشر في الآونة الأخيرة بعض الكتب، ولكن للأسف فان النشر فيها يخضع لحسابات خاصة ..منها الحسابات الجهوية .. والعلاقات، أضف إلى انه لا يوجد فيها لجنة قراءة ، ويمكن القول ان العلاقات الخاصة تلعب دورا كبيرا في وزارة الثقافة سواء في تعيين المسؤولين فيها او في نشر الكتب أو إقامة النشاطات الآمر الذي خلق حالة من الجفاء بين المثقفين والوزارة.

* – ما رأيك بالشق الثقافي الاخر في فلسطين أي المسرح والسينما؟
-بصراحة يمكن القول انه لاتوجد لدينا حركة مسرحية لأنه أساسا لايوجد لدينا بنى تحتية مسرحية، والأعمال المسرحية التي تقدم يتم إنتاجها وتمويلها بالصدفة، ليس لدينا مسرح للدولة، والمسرح عندنا غير مدعوم من الدولة ولايوجد له ميزانية خاصة،  لدينا ثلاث مسارح خاصة تعتمد على التمويل الذاتي او بمعنى اخر تعمد على التمويل الخارجي .. لدينا مسرح عشتار في رام الله، الذي يقدم أحيانا بعض الانتاجات الجيدة، وهو معني بالتدريب على المسرح وعمل مسرح في بعض المدارس، أيضاً هناك المسرح الوطني الفلسطيني وهو أيضا مسرح خاص ولايتبع للدولة وتكمن أهميته في وجوده في مدينة القدس وهو أيضا لا يستطيع أن يقدم أي عمل إذا لم يؤمن التمويل اللازم، وهو يستفيد من المسرحيين الذين يستطيعون أن يكونوا أو يتواجدوا في القدس  ومنهم مسرحيين من عرب الـ /48/ والتي يوجد فيها حركة مسرحية قوية جداً، هناك ممثلين وممثلات من أفضل الممثلين على مستوى الوطن العربي، وهناك مخرجين جيدين.. وهناك كتاب ونقاد جيدين من عرب الـ /48/، ولكن يجب الإشارة إلى أن المسرح والكتابة عند عرب الـ 48 بشكل عام متأثر بالثقافة الإسرائيلية. المسرح الثالث : مسرح " القصبة"، وهو مسرح مشكوك بتوجهاته وتمويله وهناك موقف منه من قبل المثقفين الوطنيين، وبصراحة لا أحب ان أتحدث عنه ولكني أشير إليه لأنه موجود. وهو يحصل على دعم كبير من الصهاينة، وقد كان موقعه في مدينة القدس وقدمت له " إسرائيل " دعما ماديا كبيرا ليبني مسرحا في رام الله هذا في البداية، والبداية كانت مشبوهة عندما قدموا مسرحية (( روميو وجوليت )) كان روميو شاباً يهودياً، وكانت جوليت فتاة فلسطينية ، وأنا ضد هذا المنطق بالمطلق.

* – ماهو موقفك من مسألة الإنتاج المشترك والدعم الذي تقدمه بعض الجهات الغربية سواء في السينما أو المسرح ؟
-لدي موقف من بعض الجهات التي تضع شروطاً لكن هناك فعلا جهات تمويلية لاتضع شروطا مقابل دعمها لك، ولكن في النهاية تكتشف انك إذا لم تطبق الشروط الموجودة في ذهنها فسوف توقف التمويل، أنا تعاملت مع النرويجين ولم يضعوا لي أي شروط، فقط أرادوا إصدار كتاب نرويجي في السنة، وفعلا كنا نقوم كل عام بترجمة كتاب للأطفال، خاصة أن النرويج تأتي في المرتبة الثانية في العالم بعد السويد، بالنسبة لكتب الأطفال رسوماً وإنتاجاً، وكنا نحن الذين نختار الكتاب أو هم يختاروه ونحن نوافق عليه وتصدر غالباً بالرسوم النرويجية، وعلاقتنا مع اتحاد الكتاب النروجيين وليست مع الحكومة النرويجية بحد ذاتها.
وبشكل عام فان هناك الكثير من الشبهات التي تدور حول الدعم والتمويل الأوروبي للمشاريع الثقافية الفلسطينية سواء على صعيد السينما او المسرح، أنا كنت رئيس مجلس إدارة مسرح عشتار لمدة أربع سنوات، وكان يأتينا التمويل بشروط، ووقتها كان المسرح بحاجة لأي دعم ليقف على رجليه وإلا فهو مهدد بالانهيار، لكن الشروط كانت مهنية فرفضتها.. ولكن هناك آخرين قد يقبلون بهذه الشروط .. فأحيانا تكون الشروط مهينة جدا، مثلا مؤسسة فورد تطرح شروطا لايمكن القبول بها ولكن للأسف نرى البعض يوافقون ويحصلوا على الدعم والتمويل .. تخيل ان هناك جهات تفرض عليك ان لاتقدم العرض حتى في مدرسة تحمل اسم شهيد فلسطيني، هناك مدرسة في بلدي هي ثانوية عز الدين القسام ممنوع أن أعرض فيها او اعمل اي ندوة فيها اي ان هناك جهات تمويلية شديدة الوقاحة .. ولكن ليس الجميع هكذا .. هناك شروط تحت الطاولة كثيرون لا يقبلونها ولكن هناك أسماء تتقبلها بوضوح شديد. هناك بعض الشروط التي تفرض وجود شراكة بين فلسطينيين وإسرائيليين، وهناك من يلجأ للحيلة للحصول على هذا الدعم بعمل  شراكة مع عرب الـ /48/ وهم يحملون الهوية الإسرائيلية.. وهذه الأمور أحاول أن أتجنبها بشكل عام سواء في مؤسسة اوغاريت حاليا أو عندما كنت في مسرح عشتار.

*هل تقوم بالترجمة عن الإسرائيلية ؟
لامانع لدي من ترجمة كتب إسرائيلية أقوم شخصيا باختيارها، وقد ترجمنا مثلاً مسرحية " الخليل " وهي لشاعر إسرائيلي يدعى " تمير غرينبرغ"  وعملت ضجة كبيرة لدى عرضها حتى ان " إسرائيل " نفسها كانت ضد عرضها، لكني لا أتعامل معهم، وباعتقادي أن أي إسرائيلي يعيش في المنطقة هو محتل، و أي يهودي موجود في فلسطين هو يحتل بيتي.. بينما أي يهودي في الخارج يمكن أن يكون صديقي، هناك بعض المثقفين يطالبون بمحاورتهم وإمكانية التعايش، وهناك بعض المثقفين الفلسطينيين قدموا إبداعهم في تل أبيب ويعتقدون أنهم سيغيرون الرأي العام في " إسرائيل"، أحداهن عرضت فيلم مدته خمس دقائق تعتقد أنها ستغير اتجاهات " إسرائيل" أو التأثير عليهم من خلال فكرنا وطرحنا، هذا منطق انتهازي أنا لست معه.

*وماذا عن الحركة السينمائية في فلسطين ؟
 بالنسبة للسينما فهي تجارب فردية، هناك بعض الأسماء الجيدة في الضفة الغربية مثل رشيد معشراوي، وهو موهوب ومجتهد وقد قدم بعض الأفلام الجيدة، ولدينا مؤسسة اسمها " شاشات " تضم بعض الشباب الموهوبين والذين يحاولون عمل بعض الأفلام الوثائقية والتسجيلية ، هناك أيضا مخرجة تدعى نجوى نجار من القدس أخرجت فيلما مقبولا، وهو الفيلم الفلسطيني الوحيد الذي كتبت عنه كتابة نقدية وأنا في الداخل. أما في أراضي  الـ /48/ فهناك مخرجين مهمين جدا ومنهم إيليا سليمان وهو مخرج عالمي بحق وأفلامه تثير ضجة على مستوى عالمي. وهناك أيضا المخرج هاني أبو أسعد الذي حاز على جائزة غلوب ، وترشح فيلمه للأوسكار. وهناك سينمائي مهم جدا يعيش في كندا اسمه " ايزدور مسلم" قدم عدة أفلام رائعة منها فيلم " الجنة قبل موتي " كان فيلما رائعا وشارك فيه عمر الشريف، بمعنى ان هناك عدد من المخرجين الجيدين وكلهم من عرب الـ /48/ خبرتهم تأتي من خلال دراسة السينما، ولكن الإنتاج السينمائي قليل فهم أيضا يبحثون عن التمويل اللازم لإنتاج أفلامهم وهذا ليس سهلا ولهذا نجد إنتاجهم قليل، ولكني متفائل بأننا مقبلون على إنتاج سينمائي جيد ومتميز من خلال هؤلاء الشباب..

*اذا انتقلنا الى موضوع اخر، حيث كنت ضمن وفد اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين الذين حضروا الى دمشق للاتفاق مع اتحاد الكتاب الفلسطينيين على توحيد الاتحادين وعقد مؤتمر عام يجمعهما.. اين وصل هذا المؤتمر ؟
حضرنا إلى دمشق وتحاورنا مع رفاقنا هنا واتفقنا فعلا على عقد مؤتمر توحيدي، ولا أخفيك بأننا واجهنا بعض الصعوبات فهناك من يقف ضد التوحيد، ولكننا ننطلق في مساعينا وعملنا من موقف الثقافة الفلسطينية وهو أن فلسطين لنا، أما بالنسبة للموقف السياسي فليس لنا علاقة به.. نحن كمثقفين نرعى الحلم الفلسطيني ومؤمنون به ولن نسير بركب اتفاقيات أوسلو، ونحن نسعى لعقد المؤتمر العام، وحاليا عندما نشارك في كل النشاطات نذهب كوفد موحد من دمشق ورام الله وغزة، وكما تعلم فإننا في رام الله فصلنا اتحاد الصحفيين عن اتحاد الكتاب واصبح هناك اتحاد للصحفيين واتحاد للكتاب، ويبدو أن هناك عوائق إدارية في دمشق لاتخاذ مثل هذه الخطوة، نحن نحاول أن ننشط ونفعل الاتحاد ..طبعنا موسوعة أدباء القدس 19 جزء، كما تم طباعة الأعمال الكاملة للشاعر يوسف الخطيب، وهناك تعاون مع بيت الشعر حيث تم طباعة الأعمال الكاملة للشاعر خالد أبو خالد ، ونحاول الان الأعمال الكاملة للمفكر " ناجي علوش".

* كيف هي علاقتك مع رابطة اتحاد الكتاب بغزة؟
-نحن نتعامل مع غزة والضفة الغربية كوحدة وأجرينا انتخابات في رام الله وغزة بنفس الوقت، ونحن أمانة عامة واحدة، وعندما نأتي إلى دمشق دائماً يأتي معنا أحد الأشخاص من غزة.



» تاريخ النشر: 16-01-2011
» تاريخ الحفظ:
» رابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان
.:: http://palteachers.com/ ::.