الفلسطينيون والذاكرة الحديدية!!

http://www.aljazeera.net/mritems/images/2008/5/5/1_792456_1_23.jpg

يتمتع اللاجئون الفلسطينيون بذاكرة قوية، وبما لا يضاهيهم أحد فيها من شعوب العالم.
فالفلسطينيون الذين هُجّروا من وطنهم، وأُبعدوا بالقوة، يعيشون على الذاكرة. فالذاكرة أصبحت جزءاً من حياتهم ومن تاريخهم ومن سيرتهم.
الفلسطينيون يتذكرون بلادهم وتاريخها، يتذكّرون المدن والقرى، الجبال والوديان، السهول والكروم، الثورات وأحوالها، النزوح وأهواله، ومراحل التشرّد وصعوبتها.
حين تجلس مع إنسان فلسطيني تفاجأ بما يحفظه عن قريته، ويما يعرفه عن العادات والتقاليد التي عاشها، وبالقصص وأخبار الناس وغير ذلك من تفاصيل.
تفاجأ بأن رجلاً عمره سبعون عاماً، أي أنه عاش في فلسطين ثماني سنوات فقط، يحفظ أسماء الناس ووجوه الأشخاص، وعدد غرف منازل أقربائه وأشكالها، والخلافات بين الجيران وتفاصيل الزراعة والحصاد.
وتفاجأ بأن رجلاً آخر يحفظ أسماء الكروم وملاكها ومساحاتها، وكل كرم على حدود بيت وكرم من الناس يقع، وأسماء الزيتونات والآبار، وكيف تزوّج هذا الشاب من القرية المجاورة، وماذا ألبسوا العروس.
تفاجأ بأن رجلاً يحفظ خريطة الطرقات والساحات وأسماء الشوارع وأسماء المساجد والمكتبات والمصانع وصالات السينما.
صارت الذاكرة جزءاً من التاريخ المقاوم، وسلاحاً من أسلحة التمسّك بفلسطين، وبحق العودة، وعدة من عدّة المواجهة وإثبات الهوية.
الذاكرة الحديدية هذه لا توجد إلا في هذا الشعب المتمسّك بأرضه، ربما لأن الإنسان الفلسطيني يريد أن يقول للجميع أنه حين خسر الأرض، وفقد الوطن، يريد أن يحتفظ بهذا الكنز، وبهذه الرمزية التي تعينه على البقاء مع حلم العودة.
تاريخ الاضافة: 08-01-2011
طباعة