« غياب الأب وأثره على حياة العائلة »






http://4.bp.blogspot.com/_iW_jeDRSMWw/TBoHTL-zBhI/AAAAAAAAACA/omiMczje0fc/s400/164%5B1%5D.jpg

مكانة عظيمة
يحتل الأب مكانةً خاصةًً ومهمة بالنسبة للعائلة، ويلعب دوراً بارزاً في تماسك الأسرة ويكفل وجوده عدم تفككها واستمرارها. وليس من باب العبث أن يطلق على الأب عبارة "رب الأسرة" لأنّ وجوده يحفظ الاسرة، ويتيح للأبناء الأقتداء به والسير على خطاه، ويعطيهم الإحساس بالأمان والاستفرار. ويعتبر وجوده أيضاً حيويّـاً بالنسبة لتكوين شخصية الأبناء وتوازنهم الفكري والنفسي من خلال توجهاته الرشيدة التي تمنعهم من الزيغ والسقوط في وحل الضياع.
وكما أنّ وجود الأب وسط العائلة له فوائده، كذلك غيابه عنها له مضار كثيرة تؤثر بشكلٍ مباشرٍ وجذري على العائلة بأكملها دون أن يستثنى أحدٌ منها، سواءٌ على صعيد الأم التي هي العنصر الثاني والمهم في العائلة، أو على صعيد الأبناء، وحتى على صعيد الحياة المعيشية والتي تناط مهامها بشكلٍ أساسيٍ ومباشر بالأب الذي هو رأس الهرم.
أثر غياب الأب على:
الطفل
يشكل الأب بالنسبة للطفل نموذجاً يحاول دائماً الاقتداء به بما يصدر عنه من أفعال وأقوال، الأمر الذي يعكس حالة الطفل إلى الأب كنموذج لسلوك يحاول أن يعتاد على التمثل به. ومن هذه الناحية فإن ما يلاحظه الطفل من سلوك والده يلعب دوراً مهماً للغايّـة في تكوين شخصيته أكثر ممّا تؤديه النصائح والتوجهات التي يسمعها وهذه ظاهرة تعرفها مختلف الاسـر.
كما ويعتبر الأب بالنسبة لطفله المُشرع الذي يضع له الحدود فيما يجب أن يقوم به وما لا يجب أن يقوم به. وبغياب الأب عن الأسرة يحدث إضطراباً في حياة الطفل، ويبرز ذلك جلياً في مشاعر الخوف والقلق التي تصيب الطفل بين الحين والآخر ولا سيما أثناء النوم أو على شكل أعراضٍ (نفسية، وجسدية)، أو على شكل تغير مفاجئ في السلوك لم يكن معروفًا قبل غياب الأب. وكثيرًا ما تكون هذه الأعراض النفسيّـة والسلوكيّـة بمنزلة خطاب لاشعوري موجه للأب إذا كان لايزال موجوداً في محيط الأسـرة، أو موجه للآخرين للاهتمام بما يعانيه الطفل نتيجة غياب الأب.
الأم
معروف أن منشأ أيّ أسرةٍ مكونٌ من عنصرين هامّـين يعتبران ركيزة لها، هما الأب والأم أو الزوج والزوجة. ولكل منهما دوره المعروف في بناء الأسرة وصونها، وإذا فقد أحدهما أصاب قاعدة الأاسـرة الخلل الذريع الذي يودي بها إلى مستقبلٍ لا تحمد عقباه. فغياب الأب عن البيت يشكل فراغاً لا تستطيع الأم أن تملأه مهما حاولت واجتهدت في ذلك، لأن الأب قادرٌ على ضبط السلوك والإرشاد في البيت ويستطيع فرضَ هذا الأمر بسهولة تعجز عنه الأم.
كما ويحمّـل غياب الأب عن العائلة الأم مسؤولياتٍ فوق طاقتها بكتير وخصوصاً مع أبنائها كما ويشكل هذا الغياب فراغاً كبيراً على الأسرة في جميع الاتجاهات الماديّـة والمعنويـّة والاجتماعيّـة، وتتحول الأعباء المنوطة بالأب إلى باقي الأسرة وخاصّة الأم التي قد تضطر أحياناً لترك دورها كمربيّـة، وأخذ دور الأب الغائب في تأمين المأكل والمشرب.
ومن المؤكد أنَّ غياب المعيل المفاجئ أيًّا كان السبب يولِّد حالةً من الإرباك لدى كافة أفراد الأسرة، وقد يتفاعل الشعور بالوحدة لدى الأم المعيلة مع الشعور بالخيبة والحرمان والانكسار فتصيبها حالة شديدةٌ من اليأس إلا أنَّ قوة الإيمان بالله وحدها كافية لحمايتها من التعرُّض لكل ذلك، فالإيمان يمنحها الشعور بالأمان وعدم الخوف والقلق من المستقبل الذي هو بيد المولى عز وجل. والحقيقة أنَّ الأم المعيلة تحتاج إلى تدعيم الثقة في نفسها وتعزيز الشعور لديها بأنها قادرةٌ على حل مشكلات الأسرة أثناء غياب الأب، وهذا من الممكن أن يتم من خلال برامج تربوية وتعليمية واجتماعية، ومنحها التقدير والاعتزاز مع صمودها وثباتها في مواجهة أزمات الحياة.
• الأبناء
ويشكل غياب الأب عن الأسرة والبيت معضلة كبيرة لدى الأبناء، الذين يترك فيهم الكتير من الآثار السلبية تنكعس على حياتهم بجميع أشكالها فمنها: الماديّة بحيث يضطروا إلى النزول لميدان العمل من أجل تأمين مستلزمات الحياة وسد رمق العيش. ومنها العلميّـة ممّا قد يجبرهم على ترك مقاعد الدراسة بسبب عدم قدرتهم على سداد مصاريف مدارسهم وجامعاتهم. كما ويفقد هذا الغياب الأبناء الإحساس بالأمن الذي عهدوه وعاشوه إبّان وجود والدهم، حيث كان ملاذهم الوحيد الذي يصد عنهم كل ما يعكر صفو حياتهم ويمنع عنهم الاستقرار وراحة البال، ويحرم الإناث منهم اليد الحنونة والصدر الدافئ.


» تاريخ النشر: 21-11-2010
» تاريخ الحفظ:
» رابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان
.:: http://palteachers.com/ ::.