أين أنت منهـــما؟

اين انت منهما ؟

لقد كنت صغيرا.. لا تدري عن نفسك.. لقد كنت لا تتكلم.. لا تدري ما يقال.. فمن علَّمك النطق والكلام.. إنهما أمك وأباك..
عت فتعبوا لإشباعك.. مرضت فسهروا على راحتك.. نعم.. أمك وأباك.. ولقد مدح الله أنبيائه ببرهم.. فما أعظم فضلهم ؟
قال تعالى في مدح يحيى عليه السلام: ( وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا ).. ولما انطق الله سبحانه عيسى عليه السلام وهو في المهد قال: ( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ).
ولما أراد سليمان عليه السلام أن يشكر ربه قال: ( وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ ).. ولما دعا نوح عليه السلام قال: ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا).
ولما أراد إبراهيم عليه السلام أن يدعوا أباه للإسلام.. أبوه الذي يصنع الأصنام ويعبد الأصنام ويبيع الأصنام.. ويأكل المال الحرام الذي يجلبه من بيعه للأصنام.. ماذا قال ؟
قال تعالى: ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا. إِذْ قَالَ لأبيه يَا.. ) يا كافر نعم هو كافر يا عدو الله نعم هو عدو الله.. ولكن النبي التقي قال له: ( إِذْ قَالَ لأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شيئاً ).. فلما زجره أبوه قال إبراهيم الخليلَ ( سَلام عَلَيْك ).
أبو هريرة رضي الله عنه نادته أمه: فقال بصوت مرتفع: لبَّيكِ ورفع صوته.. فجلس يستغفر ثم ذهب إلى السوق واشترى عبدين واعتقهما توبة من هذه المعصية..
وأنت ماذا تفعل ؟ أتطلب الجنة بزعمك.. وهي تحت أقدام أمك.. أرْضَعتك من ثديها لبنا.. وأطارت لأجلك وسنا.. وغسلت بيمينها عنك الأذى.. وآثرتك على نفسها بالغِذا.. وصيَّرت حِجرها لك مهدا.. وأنالتك إحسانا ورفدا..
فإذا أصابك مرض أو شكاية.. أظهرت من الأسف فوق النهاية.. وأطالت الحزن والنحيب.. وبذلت مالها للطبيب.. ولو خُيِّرت بين حياتك وموتها.. لطلبت حياتك بأعلى صوتها..
هذا وكم عاملتها بسوء الخلق دهرا.. فدعت لك بالتوفيق سرا وجهرا.. فلما احتاجت عند الكبر إليك.. جعلتها من أهون الأشياء عليك.
وقدمت عليها غيرها بالإحسان.. وجازيت جميلها بالنسيان.. وصعب عليك أمرها وهو يسير.. وطال عليك عمرها وهو قصير.
فاسمع يا من تريد البر بهما.. قال ابن عباس - رضي الله عنهما – واحفظ ما أقول: ( لو أن الولد نفض ثوبه بجانب والده فتطاير الغبار على أبيه.. كُتِب عند الله عاقاً ).
تاريخ الاضافة: 25-09-2010
طباعة