.

عرض المقال :حسن سلوك لأم يوسف

  الصفحة الرئيسية » ركـن المقالات

حسن سلوك لأم يوسف

/cms/assets/Gallery/1033/p18_20130624_pic3.jpg

بقلم: أنس زرزر
«يا بنيي هلق معقولة أنا الختيارة والمريضة والمعترة، كون فدائية ولا إرهابية حتى تعطوني تصريح أمني لأقطع الحدود اللبنانية؟ ملعون أبو هالعمر قضيناه كلو ذل بذل وقهر بقهر». العجوز الفلسطينية قالت كلماتها وهي تتأبط عكازها، منتظرة دورها أمام مدخل بناء «الهجرة والجوازات» الخاص باللاجئين الفلسطينيين بالقرب من ساحة السبع بحرات وسط دمشق. صوتها المخنوق والمرتفع يجذبك من وسط الجموع المنتظرة دورها أيضاً.

الحاجة أم يوسف لا تعرف تاريخ ميلادها بدقة، لكن ابنتها التي كانت برفقتها مع أحفادها الثلاثة تؤكد أنها تجاوزت 85 عاماً، وأنها لا تزال تحتفظ بذاكرة قوية، تمنحها القدرة على سرد أدق التفاصيل عن السنوات القليلة التي قضتها في حي «شفا عمرو» القريب من حيفا، قبل اللجوء إلى سوريا إثر نكبة عام 1948. تحاول الحاجة أم يوسف الحصول على تصريح أمني، كما هي الحال مع آلاف اللاجئين الفلسطينيين الذين أرغموا على مغادرة منازلهم في مخيم اليرموك، نتيجة الحرب التي وصلت نارها قبل أشهر عدّة إلى مخيمات الشتات الفلسطيني في سوريا. الآلاف من هؤلاء يفترشون منذ ساعات الصباح الباكر غرف وممرات المبنى القديم والصغير والمتهالك، المعني إدارياً بتسيير شؤونهم. لا سبيل إلى عبور أي منهم الحدود الى لبنان دون ورقة مزدوجة، ممهورة بالعديد من الأختام والتواقيع، لإثبات عدم تورط صاحبها في العمل المقاوم، أو الانتماء إلى أحد فصائل المقاومة الفلسطينية، المغضوب عليها من قبل الحكومة اللبنانية اليوم، منذ الحرب الأهلية اللبنانية التي انتهت قبل 23 عاماً.

عليه أن يصرح أيضاً بالمكان الذي سيقيم فيه في لبنان، وأن يحافظ على اتصاله الدائم مع إدارة الأمن العام اللبناني في حال تجاوزت مدة إقامته أسبوعاً واحداً. بالتأكيد فإن الحاجة أم يوسف لم تحمل السلاح يوماً في وجه أحد. كل ما فعلته في حياتها أنها حاولت العيش بكرامة، حالمة بالعودة إلى وطنها وبلادها، لكن لا يمكن اعتبار هذا دليلاً قاطعاً على براءتها، لكونها تحمل الهوية الفلسطينية.

لم تعفها تجاعيد وجهها المتعب وجسدها الضعيف من الوقوف مع الجموع المحتشدة من أبناء وطنها، للحصول على تصريح يثبت حسن سلوكها خلال 85 عاماً لكونها ستجتاز الحدود للمرة الاولى منذ عام 1948، لتصل إلى أقاربها في مخيم برج البراجنة، هاربة من رصاص المتحاربين، والقذائف الطائشة، التي لم تعد تميز بين مدني وعسكري.

ربما تمكنت الحاجة أم يوسف من الحصول على التصريح الأمني، وربما وصلت أخيراً إلى أقاربها في مخيم برج البراجنة، لكن من المؤكد أن هناك العشرات أو ربما المئات من العجائز الذين يشبهونها يقفون يومياً في المكان والطابور نفسيهما.

المصدر: الأخبار

 « رجوع   الزوار: 1243

تاريخ الاضافة: 24-06-2013

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
3 + 4 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركـن المقالات

«الأونروا» أمام اختبار العجز والهدر

آثار قاسية يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. ممنوعون من البناء في المخيمات والتملك خارجها

«كلاوس» تؤكد على أولوية إصلاح التعليم ورفع جودة التعليم في مدارس «الأونروا»

لاعب كويتي ينسحب من بطول المبارزة العالمية في بلغاريا

الشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد يفوز بجائزة مسابقة الكتابة الموجهة للطفل على مستوى العالم العربي 2023

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :287353
[يتصفح الموقع حالياً [ 126
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013