.

عرض المقال :يوماً مـا

  الصفحة الرئيسية » ركـن المقالات

يوماً مـا

http://up.graaam.com/img/c8a6f2bf3dbeb98de6d7695b6389d6e2.jpg


 مرام شاهين
نهاراتٌ رتيبة .. يتساوى فيها العدلُ و الظُّلم ، الولادةُ و الوفاة ، الحزنُ والفرح ..
لا فرقَ فيها بينَ رائحةِ الخبزِ والدّماء .. صوتُ الحافلةِ و رشّاشاتُ المدافع !
تعكسُ النافذةُ مساءً صورةَ شارعٍ فيه من الفقرِ و الغنى و الكهولة و الشّباب والرجولةِ و الجُبن ما يجعلُ العينَ تسبحُ لا تسلكُ بين موجاتِ هذا الأفقِ خطّاً مستقيماً .. تصطدمُ بذاكَ الكهلِ يجمعُ من القمامةِ غذاءً ، على الطّرف المقابلِ فتاةٌ تخرجُ من سيارةٍ فارهة تودّعُ حبيبها المسافرَ بعد ساعتين بالطّائرة ليقيمَ في أغلى الفنادقِ ، يرتدي حذاءً يلمعُ وسطَ الظّلام ، يُغري بساعته الذّهبيّة موظّفاً فتّشَ كل الحقائبِ إلا حقيبته !
سيّارةٌ أخرى تسيرُ بمحاذاتها بنيّةِ السّفرِ ذاتها تحملُ الاسمَ ولا تحملُ وصفَه !
يقودُها ربُّ الأسرةِ لا يعبأ بطولِ الطّريق و لا بكثرة الحقائب بقدرِ ما يعبأ بنقطة تفتيشٍ حدوديّة يكتظًّ فيها الأشخاص ، يتململُ فيها الصّغار ، يتأوَّهُ الكهلُ من حرّ شمسِ الظّهيرةِ و طول الانتظارِ حتّى تغيب .. تتزاحمُ الأمّهاتُ على الدّكان سياحيّ الأسعار ، تريدُ أن تشتري قارورةَ ماءٍ تروي ظمأ أطفالِهـا ، تنفذُ الجيوب من النّقود .. إنها ضريبةُ الحصولِ على تأشرةِ دخولٍ لا يفصلُ بينَ الخروجِ كمغادرٍ ليس يحملُها و الدّخولِ كقادمٍ قضى من السّاعاتِ جُلّها حتى يمتلكَها سوى لافتةِ ( أهلاً بكم )
كلّهم في النهاية متساوون في وجودهم تحتَ سبعِ سماوات ، ينيرُ مساءَهُم قمرٌ واحد ، يخضعونَ إلى إرادةِ إلهٍ واحد ..
تَرى بعضَهم يُضرَبُ بسَوطِ تَعدادِ الفقر الأخيرِ دونَ الآخر !
و ترى حروفَ أحدِهم تُكبَّلُ بسلاسلِ السّجانِ دونَ الآخر !
ويحَ نفسي .. حتّى متى ؟
تجيبُ أشعّةُ الشّمس : حتى ذلك اليومِ الذي سأشرقُ فيه ملوّنة !
أيُعقلُ ذلك ؟ نعم يا صديق !

يوماً ما ، سيوقظكَ ابنكَ بقُبلةٍ على الجبين .. يهنئكَ و صوتُ تكبيراتِ العيدِ تضجُّ في الأركان ، تُيمّمانِ الشّطرَ نحوَ الأمويّ في رحابه تصلّيان ، يختلط صوتُ الشّيخ و هديلُ الحمام ، تنسابُ ( الله أكبر ) نسيماً عليلاً يداعبُ الوجنتين ، يقودكَ في المساءِ جنوباً إلى ثالث القبلتين .. تتلاقى و باحاته والغروب ، بطقوسِ عيدٍ مسائيَّةٍ تجمعُ الأبيضَ و الأسودَ في فرحةٍ واحدة يتقامسان الحلوى و النّشيد ..
الأحلامُ الملوّنة .. ليست بعيدةَ المنال !
أن تتخيَّل نفسكَ بعدَ ذاكَ العيدِ تشدُّ الرّحالَ كلَّ يومٍ إلى جهة ، لا يُثنيكَ شيءٌ عن إمضاءِ فجركَ على شطِّ بحرِ الخليج وعصرِ يومكَ في منتزهٍ مطلٍّ على الفرات أو في رمضاءِ المغرب -لا فرق- ومسائكَ في بيتِ الله الحرام !
يوماً ما ..
ستُلقي الطَّرفَ عبرَ نافذتكَ إلى شمسِ الصّباحِ و تجدُها ملوّنة
ستقرأُ في أشعّتها كلَّ أماني الأطفال ..
لن تحتاجَ إلى آلةِ تصويرٍ تحتفظٌ بقوسِ قزحٍ إذ زارَ سماءَ البلاد ، لأنّهُ سيرتسمُ كلَّ فجر بعددِ من نام في العراءِ عندما انهالت في الأمسِ حبّاتُ المطر ، بعددِ الأناملِ التي خطَّت من حروفها .. أملَ غدٍ جميل ...

سيأتي ...
كن على يقين !
 « رجوع   الزوار: 1474

تاريخ الاضافة: 22-06-2013

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
9 + 4 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركـن المقالات

«الأونروا» أمام اختبار العجز والهدر

آثار قاسية يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. ممنوعون من البناء في المخيمات والتملك خارجها

«كلاوس» تؤكد على أولوية إصلاح التعليم ورفع جودة التعليم في مدارس «الأونروا»

لاعب كويتي ينسحب من بطول المبارزة العالمية في بلغاريا

الشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد يفوز بجائزة مسابقة الكتابة الموجهة للطفل على مستوى العالم العربي 2023

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :287105
[يتصفح الموقع حالياً [ 56
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013