.

عرض المقال :هكذا انفجرت معركة عين الحلوة.. وهكذا انتهت!

  الصفحة الرئيسية » ركـن المقالات

هكذا انفجرت معركة عين الحلوة.. وهكذا انتهت!


استفاق أهالي مخيم عين الحلوة، جنوب لبنان، على صباح هادىء، بعد أسبوع متواصل من المعارك الدامية، التي دمرت ما تبقى من "حي الطيري"، المدمر أصلاً نتيجة جولات الاقتتال السابقة.

لم يكن كثيرون في المخيم وخارجه، يظنون أن اتفاق الأمس على وقف إطلاق النار سيصمد حتى الصباح، ولا سيما بعد سقوط ثلاثة اتفاقات سابقة، وبعد حملة الحرب الكلامية التي استعرت ليلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، تبادل فيها المتحاربون أقذع العبارات.

ومما زاد في التوتر والاحتقان، البيان الذي وزعه قائد القوة الفلسطينية المشتركة في مخيم عين الحلوة، العقيد بسام السعد، والذي أعلن فيه أن "القوة المشتركة لم تنتشر في حي الطيري داخل المخيم بسبب عقبات اصطدمت بها على الأرض من القوى الاسلامية".

اتهام السعد للقوى الإسلامية، فسره كثيرون على أنه يتجاوز اتهامها بالتقصير، إلى التلويح بحل "القوة المشتركة"، التي شكلت رغم التحديات والشكوك والأخطاء التي شاب أداءها، إطاراً مرجعياً متفقاً عليه بين القوى الرئيسية في المخيم، ولا سيما بعد نجاحها في إلقاء القبض على عدد من المطلوبين منذ تسلم السعد مهامه.

ما عنى أهالي المخيم، هو الجملة التي ختم بها بيان السعد، بأنه "لم يكن هناك جدية من البعض من أجل انتشار القوة المشتركة في حي الطيري ولا زال هناك تواجد للمقنعين المسلحين فيه وهذا الأمر لا يبشر خيراً داخل المخيم"، ما أعطى الانطباع بأن المعركة قد تتجدد بين ساعة وأخرى.

ولم تخف أطراف في فتح امتعاضها من موقف القوى الإسلامية، معتبرة أن الأعتداء على القوة المشتركة يمثل اعتداء على الجميع، وتتهمها بعدم تبني موقف حازم، وتركت فتح لوحدها في المعركة التي استهدفت الجميع.

في المقابل، تؤكد القوى الأخرى المشاركة في القوة المشتركة أنه لا خلاف في الموقف مما فعله العرقوب، وضرورة محاسبته وملاحقته، وأنه لا مانع لديها من القيام بذلك في إطار التوافق. غير أن ما حصل هو غير ذلك، إذ انفردت بعض الأطراف داخل "فتح" بفتح معركة واسعة، دون التنسيق مع القوى الأخرى، بل وتعاطت بطريقة مشينة مع القوى الموجودة في "حي الطيري". ويؤكد هذا الفريق قوله بأن أطرافاً في داخل "فتح" نفسها، أبدت استياءها مما حصل، وإنه بدا واضحاً أن جهة محددة داخل فتح هي التي أخذت المعركة على عاتقها، وحاولت توريط الباقين فيها.

وكان اتفاق لوقف لإطلاق النار قد تم التوصل إليه، ظهر أمس الأربعاء، بعد اجتماع سريع للقيادة السياسية للفصائل والقوى الفلسطينية في منطقة صيدا، عقد في مقر القوة المشتركة في مخيم عين الحلوة، نتج عنه تشكيل لجنتين ميدانيتين، توجهت إحداهما إلى مسجد "الشهداء" في منطقة الصفصاف للتواصل مع مجموعتي بلال بدر وبلال العرقوب، بينما توجهت الثانية إلى مقر الصاعقة، عند مفرق سوق الخضار، للتواصل مع قائد الأمن الوطني الفلسطيني في منطقة صيدا، العميد أبو أشرف العرموشي، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار، والتجهيز لانتشار القوة المشتركة، بمشاركة عناصر من الأمن الوطني الفلسطيني، في "حي الطيري".

ما إن بدأت القوة المشتركة بتنفيذ انتشارها، عند تمام الساعة الرابعة عصراً، حتى بدأت مجموعات التواصل الاجتماعي تنشر أخباراً، تبين لاحقاً أنها كاذبة، عن تعرضها لإطلاق النار على الشارع الفوقاني للمخيم، وإشاعات بوجود متسللين من الشباب المسلم بين صفوف القوة المشتركة، وأخرى بوجود عبوات معدّة للتفجير في الحي. وتبين لاحقاً أن هناك اعتراضاً لدى بعض الأطراف في فتح على مشاركة أحد عناصر القوة المشتركة، وعلى مسار الانتشار، الأمر الذي تمت تسويته سريعاً، ما سمح باستكمال الانتشار. غير أن الأمور لم تهدأ عند هذا الحد؛ فمع استكمال عملية الانتشار، انتشرت إشاعات أخرى عن عمليات متعمدة لإحراق بيوت في "حي الطيري.

وظهر اليوم، أصدرت قيادة حركة فتح وقيادة الأمن الوطني الفلسطيني أوامر صارمة ومشددة إلى كافة الضباط والعناصر بالحفاظ على منازل أبناء المخيم وممتلكاتهم، بما في ذلك منزل بلال بدر نفسه.

لكن، كيف بدأت هذه الجولة، ولماذا؟
منذ اندلاع الجولة، يوم الخميس الفائت في 17 آب، كان ثمة وجهتا نظر حول الأسباب السياسية التي تقف خلفها. وجهة النظر الأولى، حاولت الربط بين الاشتباك ومعركة جرود القاع، وتقول بأن الهدف هو ممارسة ضغط بالنار من قبل المجموعات المسلحة لإدراجها في أية مفاوضات قد تحدث، مثلما حصل مع "جبهة النصرة". وتستند وجهة النظر هذه على أن توقيت المعركة تزامن مع انطلاق عملية الجيش اللبناني في جرود القاع، وأن هذه المجموعات كانت قد طلبت إدراجها ضمن الاتفاق مع "جبهة النصرة"، غير أن طلبها قد رفض وقتها؛ ولذلك فإنها تسعى إلى ممارسة ضغط بالقوة إزاء ما ترى أنه فرصتها الأخيرة.

أما وجهة النظر الثانية، فتقول إن المعركة جاءت في سياق تنظيف الأراضي اللبنانية من الإرهابيين بالكامل، وأن هناك اتفاقاً بين السلطة الفلسطينية والحكومة اللبنانية على إنهاء وجود الجماعات المتطرفة داخل مخيم عين الحلوة. وجاء تصريح اللواء سلطان أبو العينيين الذي أعلن فيه وجود غطاء سياسي وتفويض كامل بإنهاء وجود الجماعات المسلحة، ليعطي وجهة النظر هذه جرعة من المصداقية.

ميدانياً، اندلعت الاشتباكات بعدما أقدم بلال العرقوب على فتح النار على القوة المشتركة في قاعة اليوسف، موقعاً في صفوفها قتيل وعدد من الجرحى. ردت فتح بإطلاق النار، ما أدى إلى مقتل أحد أبناء العرقوب.

وبحسب الرواية التي يقدمها حسين خريس في (المدن) اليوم، فإن "فتح" لم تكتف بذلك، "بل توجّهت إلى بيته القريب من حي الطيري لتحرقه وتشرّد العرقوب الذي ناشد أبرز الإسلاميين، ومنهم بلال بدر؛ إلا أنه لم يلقَ أي دعم، باعتباره معتدياً أجمعت الفصائل على تأديبه".

ويتابع خريس أنه "تزامناً مع الإشكال الذي حصل مع العرقوب، تسللت مجموعة تابعة لقائد الأمن الوطني في صيدا محمد العرموشي، يوم السبت في 19 آب، الساعة الثانية إلا ربعاً، إلى حي الطيري واعتقلت عدداً من عناصر القوة الأمنية المنتشرة هناك منذ المعركة السابقة، وفرضت على عنصر تابع لحركة حماس بأن يمشي أمامها للوصول إلى مكان بلال بدر، بهدف اعتقاله. فما كان من بدر إلا أن ظهر ومجموعته التي كانت تنتظر صد الهجوم".

ويضيف: "يشير مسؤول مجموعة بلال بدر إلى أنّ العرموشي استقدم قوات النخبة في الأمن الوطني المؤلفة من 25 عنصراً، وقد كانت مجهزةً بأحدث العتاد العسكري بهدف قتل بدر أو اعتقاله، وذلك بعد وعدٍ قطعه للقيادة الفتحاوية بأنه سيتمكن من ذلك خلال 24 ساعة. وهو الوعد الذي حصل بنتيجته على ضوء أخضر من مسؤول الأمن والارتباط والمالية منذر حمزة. لذلك، لم يكن يستجيب لأي أمرٍ يوجّه إليه من السفارة الفلسطينية ولا من الضابط الأعلى رتبة منه اللواء صبحي أبو عرب، الذي يستعد للتقاعد على أن يحل العرموشي مكانه".

ويقول: "اضطُر بدر إلى خرق شهر عسله، وهو العريس الجديد منذ 10 أيام، وصدّ الهجوم بقوة. ما حفز ردة فعل أقوى من القوات المهاجمة له. وقد ظهر العرموشي بنفسه في مقطع مصوّر يطلق النار من سلاح متوسط باتجاه حي الطيري، قيل إنه صاروخ "شامل" إيراني الصنع".

وحول ما إذا كان الشباب المسلم قد ساند بلال بدر في المعركة، يقول خريس إنه "عادت مجموعة العرموشي الاثنين والثلاثاء، في 21 و22 آب، إلى التقدم باتجاه بدر الذي أنهك الحصار مقاتليه، ليحظى فيما بعد بدعم من بعض الإسلاميين الذين ساندوه بالعديد والعدّة وفاءً بوعدهم السابق بنصرته في حال اعتُديَ عليه".

ويرى أن "مناصرة الإسلاميين لبدر أغاظت العميد محمود عيسى (اللينو)، المتحالف مع العرموشي في القضاء على الحالة العصيّة على فتح داخل المخيّم. فأصدر بياناً تحذيرياً بأنه سيتصدى "للدواعش" إذا شاركوا في المعركة، علماً أنّ بدر ومن سانده من المحسوبين فكراً على جبهة النصرة. وتزامن بيان اللينو مع تسريب مقطع صوتي لمن اطلق عليه اسم أبو قتادة الشامي، زُعِم أنه موجّه إلى مناصري داعش في مناطق المخيّم، يدعوهم فيه إلى قتال الجيش، وقد جاء بعد بثِّ قناة الميادين خبراً برصد مكالمة بين أبي مالك الشامي (التلي) وشادي المولوي".

ويضيف: "كلام اللينو استفزَّ المقاتلين في منطقة المنشية، الذين انتشروا بأقنعتهم وأسلحتهم محذرّين من أي تقدّم فتحاوي في اتجاههم. إلا أنّ أمير الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطّاب استطاع، وبعد جهد جهيد، إعادة التهدئة وسحب المسلحين من الشوارع، بعدما كان مشغولاً في اجراء الاتصالات بالقيادة السياسية لإنهاء التوتر".

ويقول: "هذا السيناريو فسَّرته مصادر إسلامية قيادية بأنه محاولةٌ غير موفقة لـ"دعشنة" المخيم، إضافةً إلى أنها ممزوجة بالغباء من ناحية وصف أنصار جبهة النصرة على أنهم يأخذون الأوامر من داعش. و"هو أمرٌ شديد الحماقة"، على حدّ تعبيرها".

وحول مشاركة شادي المولوي في المعركة، ينقل خريس عن مصدر قريب من المولوي أنّ الرجل يعيش في شبه سجن داخل حي الطوارئ. وهو ممنوع من الخروج إلى أي منطقة أخرى. كما أنّه لا يملك مجموعة مسلحة، بل يرافقه عدد من الأشخاص الذين دخلوا معه ولا يتعدّى عددهم العشرة".

ويشير المصدر إلى عدم ثبوت أي مشاركة للمولوي في أي عمل أمني لا داخل المخيم ولا خارجه. "المولوي لم يتحرّك عندما تحرّك التلي وكان في الجرود، فكيف يتحرك اليوم وقد أصبح أميره في إدلب؟"، يضيف ساخراً.

ويختم خريس مقاله بالقول: "كشفت المصادر أنّ الدولة اللبنانية وفي اجتماعها مع القيادة الفلسطينية خلال المعركة السابقة طلبت تسليم المولوي قبل المباشرة بأي حديث آخر عن المعركة مع بدر. ما أثار استغراب الحاضرين".

وماذا في تفاصيل الاتفاق الذي حصل أمس؟
بحسب المصادر التي ينقل عنها خريس، فقد أضيف إلى اتفاق نيسان السابق بندان جديدان قد يشكّلان الأرق الدائم للصراع الحاصل، وهما: مغادرة بلال بدر منطقة الطيري بأكملها إلى جهة مجهولة داخل المخيّم، وعدم انسحاب فتح من أطراف الجهة الجنوبية من الطيري باعتبار أنّ التقدّم إليها كلّفها زهق الأرواح".

وفي وقت لاحق من الليلة الماضية، تناقلت مجموعات التواصل الاجتماعي في المخيم بياناً لبلال بدر يقول فيه إنه "من أجل عدم تكرار هذه المآساة في حي الرأس الأحمر أو غيرها من أحياء المخيم وحفاظاً على الأرواح .. قررت أن أترك حي الطيري ليس خوفاً من أحد، ولكن لأن الأمر دين وفيه دفع مفسدة عن الناس".

وأفاد مصدر في القوى الإسلامية في مخيم عين الحلوة أنه "من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، ومن أجل الحفاظ على ما تبقى من حي الطيرة، فقد قمنا بإقناع المسلحين بإخلاء الحي المذكور. وحالياً الحي خال إلا من المدنيين من أهله. ومنعاً من حصول أي خلل في الحي المجاور لحي الطيرة، وهو حي الرأس الاحمر، ومنعاً لمعاودة أي خرق، فإن لجنة حي الرأس الأحمر بمؤازرة من القوى الاسلامية، تتكفل بحفظ الأمن واستقراره في حي الرأس الاحمر".

وماذا بعد،
من الصعب أن تجد أحداً في مخيم عين الحلوة، على قناعة بأن ما أسفرت عنه الجولة الأخيرة من المعارك، أو ما تم التوصل إليه من اتفاقات، سيجنب المخيم جولات اشتباكات جديدة. بل ثمة في المخيم من يتبارى في تحديد موعد ساعة الصفر القادمة.

أهالي المخيم على قناعة تامة، أن ما يجري في المخيم لا علاقة لأهله به، بل هو صراع أجندات محلية وإقليمية ودولية، جعلت من المخيم وأهله رهينة، يدفعون ثمنها في كل مرة تشاء القوى المتصارعة التي تقف خلف الستار استخدام المخيم كصندوق بريد.

أما أهل المخيم، فلا يحصدون من وراء ذلك سوى الدمار والخراب وزهق الأرواح، وهتك الأعراض التي تضطر في الليل أو النهار إلى الهرب بحثاً عن مأوى آمن، ويفترشون الطرقات ويتسولون الجمعيات طلباً للمعونات. ولا أحد منهم يعرف بالضبط إن كان سيجد بيته عندما يرجع أو أن رحلة شقاء جديدة قد كتبها العابثون بالمخيم وأمنه عليهم.

ربما لا يحسم الوضع في المخيم إلا بحسم صراعات إقليمية ودولية كبرى في المنطقة. ولكن الأكيد أن ساحة الصراع لها دلالتها ورمزيتها وثقلها المعنوي والسياسي. فالصراع في مخيم عين الحلوة قد يكون أشد وطأة على قضية فلسطين، وموضوع اللاجئين تحديداً من كل المخيمات الأخرى، سواء في نهر البارد أو في اليرموك. عاصمة الشتات هي المؤشر الأخطر على وضع قضية اللاجئين، وازدياد حدة العبث الأمني فيه تعني بالضرورة أن هناك عبثاً بقضية اللاجئين، وصفقات يتم تصنيعها وتمريرها بالنار، سواء أدرك المتقاتلون ذلك أم لا. ويبقى أن المستفيد الوحيد هو العدو الصهيوني.

المصدر: وكالة القدس للأنباء
 « رجوع   الزوار: 1045

تاريخ الاضافة: 27-08-2017

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
6 + 5 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركـن المقالات

«الأونروا» أمام اختبار العجز والهدر

آثار قاسية يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. ممنوعون من البناء في المخيمات والتملك خارجها

«كلاوس» تؤكد على أولوية إصلاح التعليم ورفع جودة التعليم في مدارس «الأونروا»

لاعب كويتي ينسحب من بطول المبارزة العالمية في بلغاريا

الشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد يفوز بجائزة مسابقة الكتابة الموجهة للطفل على مستوى العالم العربي 2023

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :287555
[يتصفح الموقع حالياً [ 60
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013