.

عرض مقابلة :فلسطيني في مصر.. ومصري في فلسطين المخرج السينمائي توفيق صالح

  الصفحة الرئيسية » ركن المقابلات

فلسطيني في مصر.. ومصري في فلسطين المخرج السينمائي توفيق صالح



محمد أبو عزة
قبل أربعين سنة من الآن، قُيض لي أن أشاهد في سينما الكندي بدمشق أول فيلم فلسطيني هو (المخدوعون)، من إنتاج المؤسسة العامة للسينما في سورية، عن قصة الروائي والقاص والكاتب غسان كنفاني (رجال في الشمس)، وسيناريو وإخراج توفيق صالح.

وقيض للأديب غسان كنفاني أن يشاهد الفيلم قبل أن ينسف اليهود سيارته بأشهر قليلة -في يوليو (تموز 1972) ويرحل مع ابنة شقيقته لميس التي كانت ترافقه.

قدم الفيلم ثلاثة فلسطينيين من أجيال مختلفة، لكل منهم مأساته الخاصة، إضافة إلى مأساة النفي واللجوء التي يشتركون فيها جميعاً، وقد جمعت بينهم ظروف البحث عن عمل في الخليج (الكويت) يكفل لهم الحصول على رغيف الخبز لأفراد أُسرهم..، فالتقوا في مدينة البصرة العراقية عند (شط العرب) المتكون من التقاء دجلة والفرات... للبحث عن مهرّب يوصلهم إلى بلاد النفط لأنهم كانوا من دون جوازات سفر، واتفقوا مع أحدهم لينقلهم عبر الصحراء بسيارته التي هي عبارة عن صهريج لنقل الماء، ويشترط عليهم أن يختبئوا في جوف الصهريج عندما تصل السيارة إلى المراكز الحدودية العراقية الكويتية.

ومرت الأمور بسلام لدى مركز الأمن العام العراقي، وتعثرت في مركز الأمن العام الكويتي، فقد أراد الموظفون فيه أن يتخلصوا من الضجر الذي يطبع أيامهم في مركزهم الحدودي، بينما يقبع الهاربون الثلاثة في جوف الصهريج الملتهب، فالشهر هو أغسطس (آب) الذي ترتفع فيه الحرارة في الظل فوق الخمسين، أما داخل الصهريج فربما جاوزت السبعين...

وعندما يتخلص السائق من قبضة الموظفين السمجين، يهرع نحو سيارته ويدير محركها وينطلق بها بسرعة كي يبتعد عن المركز الحدودي ليفتح الصهريج ويُخرج الرجال الثلاثة ولكنه يجد أن الثلاثة قد لفظوا أنفاسهم، فيتخلص من جثثهم ويتركهم في العراء.

وكان واضحاً أن غسان كنفاني كان يريد أن يقول: إذا كان على الفلسطيني أن يعيش حياة التشرد ويموت في النهاية على هذا النحو، فإن الأفضل أن يموت على أرض وطنه وسلاحه في يده.

وتظل كلماته الأخيرة تدوّي على لسان سائق الصهريج: لماذا لم تدقوا جدران الصندوق..؟! وقد لعب أدوار البطولة في فيلم (المخدوعون): عبد الرحمن آل رشي، وبسام لطفي، وعدنان بركات وصالح خلقي وسناء دبسي وآخرين والموسيقى التصويرية لصلحي الوادي، وظل هذا الفيلم طوال سنوات الفيلم العربي الوحيد الذي يتناول مأساة الشعب الفلسطيني اللاجئ الذي حاصرته الدنيا.

وفي عام 1972 التقيت المخرج الكبير في دمشق التي اتخذها مواطناً مختاراً وأقام فيها أربع سنوات -في الفترة بين أواخر الستينات وأوائل السبعينات- وكانت عندي أسئلة كثيرة لم يتسن لي طرحها جميعها آنذاك لأن الرجل كان يعد نفسه للسفر إلى بغداد لتدريس مادة السينما.

كنت أريد أن أسأله عن القصة (رجال تحت الشمس) التي حولها إلى (المخدوعون)، وأسلوبه في الإخراج، والواقعية التي نفذ بها هذا الفيلم، والاتجاهات الجديدة في السينما..

سألت المخرج الكبير عن علاقة أفلامه بالأعمال الأدبية، فقد أخرج (يوميات نائب في الأرياف) لتوفيق حكيم، و(درب المهابيل) للروائي نجيب محفوظ، و(المتمردون) لصلاح حافظ و(السيد البلطي) لصالح مرسي، وأخيراً (رجال تحت الشمس) الذي حمل اسم (المخدوعون)...

قال توفيق صالح: (من بين الأفلام التي أخرجتها عن روايات أدبية لم أحترم سوى عملين، يوميات نائب في الأرياف لتوفيق الحكيم، و(المخدوعون) عن قصة الأديب غسان كنفاني، وقد ظل المخدوعون كواحدٍ من أهم الأفلام السياسية في تاريخ السينما العالمية لسنوات طويلة، وقوبل بعاصفة من الغضب الصهيوني عندما عرض في فرنسا في أوائل السبعينيات، لدرجة تهديد دور السينما التي عرضته وقتها بالتفجير، وعلى الرغم من أنف الصهاينة فإن الفيلم حصل على جوائز عديدة منها الجائزة الذهبية بمهرجان قرطاج للأفلام العربية والأفريقية عام 1973).- حصل المخرج على جائزة الدولة التقديرية عام 1998، وقبلها على تكريم الدورة السادسة لمهرجان مراكش الدولي عام 2006-.

وأضاف: مع أن أفلامي كلها اعتمدت على قصص أدبية، فأنا لا أتصور أن العمل الأدبي الجيد يمكن أن يصبح بالضرورة عملاً سينمائياً جيداً، أنا مقتنع بأن اللغتين مختلفتان تماماً، وأرى أن ضعف السينما العربية يعود إلى اعتمادها على الأدب...

وتوفيق صالح من مواليد الاسكندرية في عام 1926 تخرج في قسم اللغة الانكليزية في كلية الآداب بجامعة الاسكندرية.

وعندما كان طالباً في الكلية قام بإخراج مسرحية (رصاصة في القلب) من تأليف توفيق الحكيم، وتم عرض المسرحية في جمعية الصداقة الفرنسية المصرية في مدينة الاسكندرية، ولأن العرض كان متقناً أوفده الملحق الثقافي الفرنسي إلى فرنسا لدراسة فن المسرح لمدة عام، وسافر إلى باريس عام 1950 وعاد منها عام 1953 بعد أن اطلع على كل فروع الفنون في أوروبا ومنها السينما، وأخرج عدداً من الأفلام التي لا يزيد عددها على أصابع اليدين، ومنذ عام 1980 وتوفيق صالح متوقف عن العمل كمخرج مكتفياً بعمله كأستاذ غير متفرغ لمادة الإخراج في المعهد العالي لسينما بالقاهرة، أو أنه توقف عن ذلك بعد أن بلغ السادسة والثمانين من عمره.

لقد اعتبر كثيرون أن (توفيق صالح) فلسطيني في مصر، ومصري في فلسطين، كما اعتبروا أن السينما الفلسطينية لم تستطع رغم تفوقها تقديم فيلم مثل (المخدوعون) حتى الآن.
 « رجوع   الزوار: 1524

تاريخ الاضافة: 07-06-2013

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
4 + 1 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركن المقابلات

رحيل أم عزيز الديراوي.. رمز قضية اللاجئين الفلسطينيين المفقودين بلبنان

"المقروطة".. تراث فلسطيني أصيل

عندما اقتلعت العاصفة خيمة طرفة دخلول في ليلة عرسها ورحلة العذاب اثناء النكبة

أم صالح.. لبنانية تقود العمل النسوي في القدس منذ 70 عاما

الفنان التشكيلي محمد نوح ياسين يرسم عذابات اللاجئ الفلسطيني بخيط ومسمار

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :286216
[يتصفح الموقع حالياً [ 129
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013