.

عرض مقابلة :لاجئون يتذكرون الوطن

  الصفحة الرئيسية » ركن المقابلات

لاجئون يتذكرون الوطن



فصل المقال في ذكرى النكبة الفلسطينية عام 1948، قامت صحيفة فصل المقال بمقابلة مجموعة من اللاجئين داخل الوطن وخارجه التقينا الحاجة حسنة الخليل في بيتها في قرية طمرة، وهي على سرير العجز والمرض، تحاول تذكر ما مر بها وبأسرتها عام النكبة، كانت حسنة في الحادية عشرة من عمرها.. عندما بدأت الدبابات تطلق قذائفها على بيادر الرويس،وتقول إن عمها محمد الذي كان في الستينات من عمره حينها قال"أهربوا أهربوا"، ولكنه بقي يذرّي القمح على البيدر،"هرب الناس إلى جبل صنيبعة فوق الرويس، إلا أن عمي أبو محمد بقي على البيدر، وهناك ذهب ليصلي في المسجد فجاءته الرصاصة في رأسه".
كل أهل البلدة صعدوا إلى جبل صنيبعة، وهذا ما سيحكيه لنا أكثر من واحد التقيناهم ممن عاصروا أو سمعوا عن الحدث في تلك الأيام،تضيف أم محمد "تسلل بعض الرجال إلى القرية وأخرجوا جثمان عمي من المسجد وأدخلوه إلى مغارة وغطوه بالقش،كي يعودوا ليدفنوه فيما بعد، إلا أن الجيش لم يسمح للناس بالدخول إلى القرية، كنا نسترق الدخول الى القرية لنأخذ بعض الخضار والقمح والذرة كي نأكل، أما عمي الذي استشهد فقد كان النساء يزرنه في المغارة لمدة ستة أشهر، كنا نقبل يدّه وهو ميت، كانت حطته وعقاله على رأسه كـأنه نائم، فيما بعد نجح بعض الرجال بدفنه في مقبرة الرويس". بعد هذا تدخل أحد وجهاء طمرة وطلب من الناس أن يسلموا البواريد وقد وعده اليهود بإعادة أهالي الرويس إلى القرية، وبالفعل سلموا البنادق لليهود وطبعا لم يعودوا للرويس، ولكن الأهالي لم ييأسوا وعادوا بالفعل،تقول الحاجة حسنة" عدنا إلى بلدنا ودخلنا البيوت والحقول ولكن الجيش طردنا منها مرة ثانية وفي الليل اعتقل بعض الرجال والنساء، ثم هدموا القرية كي لانعود اليها وبعد شهرين هدموا الجامع"."أقمنا في شوادر ثم في براكيات عند دار جاد المصطفى في طمرة، كنا أثناء ذلك نحضر الماء من آبار قرية الرويس، وعندما طالت القصة اشترينا قطعة أرض في طمرة وحفرنا بئرًا أمام الدار".

عن أرضها في الرويس تقول الحاجة حسنة أم محمد "كانت عندنا أرض وتين وخضار،التينة بحجم البيت، كنا نزرع المقاثي والبندورة وكل شيء،وما زالت الأرض لنا ونحلم بالعودة .. ثم تتساءل ..فكركم بنرجع؟؟ نحن لم نبع ولم نبادل بالأرض...
طه أبو الهيجا.."لم أكن أذهب لزيارة الرويس..
طه محمد الحاج أبو الهيجا (57 عامًا) وهو ابن الحاجة حسنة يقول"لا يذهب حق ووراءه مطالب"ولكنه يعترف"، في الحقيقة لم أكن أذهب إلى أرض الرويس فقد كنت مشغولا بنفسي وببيتي وعملي فقط، في السنوات الأخيرة صرت أشترك في المسيرات ويوم النكبة، وغيرها، دُعينا الى اجتماعات فيها، أكثر شيء أثر بي هو عمي محمد الذي استشهد وبقي أشهر في المغارة دون أن يبلى جسده" وعن محاولات إقناعه بالتنازل عن الأرض يقول" قبل أن يتوفى والدي عرضوا علينا من (المنهال)-دائرة اراضي اسرائيل) أن نبادل الأرض مقابل أن يعطونا قسيمتي بناء مقابل العشرين دونما في الرويس، رفض والدي والآن لو أعطوني عشرين قسيمة بناء لما وافقت، عندي أمل لا يموت وإن لم يكن في زماني ففي زمن أولادي. أنا أؤمن أن دولة اسرائيل سوف تكون في يوم من الأيام لكل مواطنيها.
محمد سعيد سمارة أبو الهيجا: شقيقي أتقــن العــبرية
من مواليد 1939 في حيفا حيث كان والده يعمل في المدينة،ولكنهم من الرويس يقول" عشت حتى سن ست سنوات في حيفا مع والدي ثم انتقلنا إلى الرويس عام 1945، كنت في حيفا أذهب إلى مدرسة البرج تحت المحكمة، كان لي خال في الصف الحادي عشر، وكان لي شقيق يذهب معي للمدرسة ولكنه مرض في ساقه ونقلناه الى مستشفى هداسا لعلاج ساقه، وصار يتقن العبرية بسبب ذلك.

عدنا الى الرويس عام 1945 فصرت أذهب للتعلم في الدامون، وكنت أرتدي بدلة من الكاكي، وهذا كان نادرا فقد كان وضعنا المادي ميسورا مقارنة بأترابي، في 1947 وفي موسم الحصاد وعندما كان الناس يجمعون الغلال على البيادر وكنا ندرس على اللوح والفرس هجم اليهود، ورأيت دبابة وسقطت قلة منها على البيدر، بدأنا نركض باتجاه البيوت، ونعلم الناس أن اليهود هجموا، كان في الرويس حسب ما سمعت عشر بواريد ولكننا لم نسمع طلقا واحدا، يقال إنه لم يكن معهم خرطوش، هرب الناس الى جبل صنيبعة، وأقمنا هناك، وعندما كان يمر جنود كان شقيقي يتحدث معهم بالعبرية ويترجم بينهم وبين الناس،كنا نتسلل إلى القرية لإحضار بعض العنب أو القمح أو الخضار، بعد مدة دخلنا إلى طمرة وسكنا في بيت أصدقاء ، وتم التفاوض مع أهل الرويس على تسليم البواريد مقابل العودة وبالفعل سلموا البواريد ولكن لا عودة...

سكنت كل أسرة لدى أحد المعارف أو النسب الخ، سكنا في غرفة واحدة أنا وأبي وأمي وشقيقي في غرفة عند دار أبو محمد موسى علاء الدين ذياب رحمه الله، كان بمثابة أخ للوالد، بعد خمس سنوات اقتنينا غرفتين من الطين من أحد الجيران وأقمنا فيهما حوالي عشرين سنة، ثم اشترينا هنا حيث نقيم الآن في العام 1964،كنت قد تزوجت عام 1959، كان لنا بيت في الرويس وحولنا مزروعات خضار وتبغ ومنحلة عسل،ويعترف ويقول: أحد افراد العائلة باع من الأرض بمبلغ بخس جدا، ولكنه كان مضطرا للبيع لأنه تورط ماديا.
ابراهيم أبو الهيجا-أعد كتابًا عن الرويس"
ابراهيم ابو الهيجا ولد ويعيش في طمرة، يعد كتابا يحتاج إلى بحث وتدقيق وعمل مضن، يقول ابراهيم ابن الرويس " عملنا سنة 2011 مسيرة العودة، كانت أول مسيرة للرويس وبمشاركة لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين، بدأت المسيرة من الدامون ثم سرنا بحافلات إلى خلة الشريف في طمرة، ثم للرويس،اشترك في المسيرة حوالي 20 ألف متظاهر، كان معظم الأهالي الذين ولدوا قبل عام 1948 هناك، وقفوا واستقبلوا المتظاهرين في القرية، كان مشهدا مؤثرا.

والدي كان يحكي لنا دائما عن الرويس وأنه تعلم في الدامون حتى الصف الرابع، كان يحكي لنا أنه اقتنى (بوط) لقدميه، وكي لا يتسخ البوط كان يحمله ويمشي حافيا أثناء ذهابه الى المدرسة" يضيف إبراهيم" أقوم حاليا بإعداد كتاب عن الرويس، منذ زمن صلاح الدين الأيوبي حتى يومنا، "الرويس هي واحدة من خمس قرى كان صلاح الدين الأيوبي قد اقتطعها وقدمها هدية لقائده حسام الدين أبو الهيجا جزاء له على بلائه في الحروب ضد الصليبيين، وهي الحدثة-الرويس-كوكب- سيرين- عين حوض، وذلك في نهاية القرن الثاني عشر الميلادي.

حتى عام 1800 لم يكن في الرويس أحد، كانت أرضًا زراعية وقفًا، بدأوا بالإستيطان فيها عام 1800، وبلغ عدد سكانها عام النكبة 383 نسمة ومساحتها 1200 دونم، وعدد بيوتها 77 بيتا. توجد أثريات في الرويس، منها مغارة تم طمها أثناء فتح شارع إلى نيشر،علما أنهم يهتمون عادة بالآثار، ولهذا سوف أحاول أن أعرف ما هي الآثار التي كانت في تلك المغارة ولماذا طمروها!

ويضيف ابراهيم" كانت حدود الرويس مع طمرة عبارة عن حجر منقوش طوله 120 سنتمترًا وعرضه 70 سنتمترا ،كانت زفة العريس تصله ثم تدور حوله وتعود إلى القرية، كان في كل بيت بئر ماء وفي بعضها بئران،واستشهد من القرية اثنان وأسر اثنان عام النكبة، بعد خروج الناس من القرية ومحاولتهم العودة قامت قوات الإحتلال بهدمها ، وبعد عامين هدموا مسجدها.
علي أحمد عيسى رجعنا إلى ميعار فهدموها..
علي من مواليد ميعار عام 1940 ،ما مر على (علي أحمد حسين عيسى) نموذج مصغر لنكبة الفلسطينيين المهجرين داخل وطنهم، السلطات لم تكتف بطرده من موطنه وبلده الأصلي، بل لاحقته إلى حيث انتقل في طمرة، فقد اضطر لشراء قطعة أرض ثلاث مرات، مرة اقتناها من صاحبها من أهل طمرة ولكن (المنهال) ادعى أنها ليست من حقه لأنها غير مطوّبة على اسم الشخص الذي باعه الأرص، واضطر مرة أخرى أن يدفع، ولكنهم طالبوه بثمن 800 متر علمًا أن المساحة التي اشتراها هي 500 متر فقط، واضطر بعدها أن يدفع أجرة سنوية (للمنهال)،إلى أن تم حل القضية واستقر في بيته الحالي في طمرة، وهذا لم يأت إلا بعد معاناة طويلة" يقول علي الذي يحسده الشباب على حيويته "بعد الرحيل من ميعار إلى بير الخشب الواقع شرقي شعب أقمنا تحت أشجار الزيتون مثل كثير من المهجرين من مختلف القرى، ثم انتقلنا بعدها إلى سخنين حيث وضعونا كل ثلاث عائلات في غرفة واحدة في المدرسة، في 1949 رجعنا إلى ميعار، وأقمنا سنتين، بعض الناس درسوا الزيتون،ولكن مرة أخرى جاء أمر من الجيش بترك البلد وهدموها هذه المرة كي لا نعود، وأسكنوا الناس في قرية شعب،في بيوت المهجّرين منها، وبعد مشاكل عائلية خاصة وقعت في شعب انتقلنا لى طمرة، وكان قد صار عمري 14 سنة، عملنا براكية وسكنا،بعدها اشترينا من الجيران غرفتين طينيتين حتى 1959، اشترينا أرضا من المرحوم موسى الحسن ذياب ، ووضعنا فيها براكيات وصرنا على وشك حل مشاكلنا وإذا بهم يطالبوننا بترك الأرض لأنها غير مطوّبة وادعوا أنها ملك الدولة، وبدأنا مشاكل مع (المنهال)." ويضيف علي وهو يبتسم ابتسامة فيها مرارة متراكمة مما مر عليه وعلى أسرته" نملك في ميعار 170 دونما لم نبع ولم ونبادل، في آخر مرة قبل بضع سنوات عرضوا علينا أنا وشقيقي 56 دونما مقابل الأرض، وقسيمتيّ بناء في أي بلد نختاره، ورفضت، نحن متفائلون لأنه لا بد أن يأتي يوم ويعترفون بحقوقنا، ولا حق يموت ووراءه مطالب.ويحكي إحدى النهفات أنه دخل أرض ميعار،وكان هناك مستوطنون من (ياعد)..قد زعروا توتا بريا، وعرضوا على الناس أن يدخلوا ويقطفوا بأيديهم ويشتروا،دخلت طريقا غير التي يدخلها الناس، وحينئذ قالت لي فتاة" لماذا دخلت من هنا؟؟ فقلت لها لأنها الطريق التي أعرفها الى أرضنا...فبهتت"
نصر الله زهرة الجش-برعم-الأمل مقرون بالعمل
يقول نصر الله زهرة ابن كفر برعم المهجّرة" العودة هي مشروع عمل فالأمل بالعودة مقرون بالعمل ،وبخصوص قضّيتنا نحن مهجّري كفر برعم فاننا ما زلنا متمسّكين بحقّنا في العودة عاملين لذلك وان اختلفت الوتيرة باختلاف الظروف فما زلنا نقوم بنشاطات تزيد ارتباط أبناء برعم ببلدهم عبر المخيّمات والمخيّمات التطوعيّه واقامة الطقوس الدينيّه في بلدنا كفر برعم والتشديد على الحفاظ على الرواية والتقارب بين أبناء البلدة في أماكن توزّعهم ونقلها وبعض النشاطات الأجتماعيّه والسّياسيّه ولا شك في أن من واجبنا زيادة حجم عملنا وتنويع أساليبه واستخلاص العبر من تجاربنا خاصّة واننا استنفذنا الموضوع قضائيّا دون نتيجة وأنّ المؤسسه تعوّل على نسيان الأجيال القادمة برحيل الجيل الذي ترعرع في كفر برعم وهُجّر منها.
بهاء رحال- بيت لحم-لا يسقط حق العودة

بهاء رحال كاتب من قرية اسمها عرتوف تقع الى الجنوب الغربي من مدينة القدس وهي من القرى المدمرة يقول بهاء" العودة حق لا يسقط بالتقادم وهو حق شخصي مكفول بكل القوانين الدولية والقرارات الأممية ، وليس من حق أي إنسان أن يسقط هذا الحق إلا الإنسان نفسة ، والعودة هي حلم كل لاجيء وكل نازح وسيتحقق يوماً ما مهما طال الزمان، الأجيال تتوارث هذا الحلم الراسخ في عقول الأطفال والشباب والشيوخ أما بالنسبة للتعويض فاذا كان التعويض هو لاسقاط حق العودة فهو مرفوض تماما أما أن مفهوم التعويض كما جاء بالقرارات الدولية هو تعويض اللاجيء او النازح عن الضرر الذي ألم به جراء النكبة واللجوء وهذا معناه مختلف تماما اعتقد ان الاجيال تحفظ وصيه الآباء والأجداد.

سعيد هدروس- السويد: لم أزر لوبية ولكنني أعرف تفاصيلها..
يقول سعيد هدروس منسق مجموعة 194 في السويد"بهذه المناسبة أستذكر النكبة الوطنية الكبرى التي وقعت على شعبنا الفلسطيني عموما وعلى أهلي خصوصا والتي بفعلها تم تشريدهم من ديارهم إلى المنافي والشتات، خمسة وستون عاما وعيوني شاخصة باتجاه قريتي لوبية، ورغم أني لم أزرها إلاّ أنها تعيش بي، وأشعر أنني أعرفها وأعرف تضاريسها وشجرها وحاراتها وكذلك شجرة الخروب والتين والزيتون...أهم ما ورتثه من والديّ هو أنني عرفت منهم كل شيء عن لوبية وأرى أن من واجبي أن أنقل لأولادي حتى نحفظ حقنا بالعودة إلى قريتنا لوبية وكما حق شعبنا اللاجىء كله بالعودة إلى دياره التي شرّد منها بفعل الهجمة الصهيونية عام 1948.
رغم كل الظروف القاسية التي مررنا بها رغم كل التشريد رغم قصفنا وقتلنا في مخيمات اللجوء نعم بقي الأمل موجودا ويوما بعد يوم يزداد هذا الأمل حضورا مع كل ذكرى نكبة حال الشعوب العربية لا يختلف كثيرا عن حالنا وبالتأكيد عندما تتمكن الشعوب العربية من الإمساك بحقوقها الإجتماعية والمطلبية وعندما تتحرر من قبضة الطغم السياسية الحاكمة سوف تكون قدرتها أكبر على دعم وإسناد قضيتنا وبالتالي سوف نكون أقرب لنيل حقنا بالعودة

فخري هواش – المكر- البروة
الأستاذ فخري هواش يعمل مدرسا يقول بهذه المناسبة" ما ما يدور على الساحة من مناورات سياسية للاستحواذ على حق العودة والمساومة عليه لا يلغي حق العودة، برأيي أن حق العودة حق شخصي لكل مُهجر ولا يحق لأي هيئة أن تساوم عليه، أجدادنا علمونا لا يضيع حق ووراءه مطالب، وسفو نحكي حكايتنا لأبنائنا.وما دام هناك من يروي فحقنا لن يضيع. بالإضافة لهذا كتب فخري قصيدة عن البروة لم نستطع نشرها هنا لضيق المساحة.

الكاتب محمد علي السعيد "ولدت أنا وأشقائي سرًا"
النكبة بالنسبة لي شخصيا جرح دائم النزيف وسير دائم على زجاج مطحون ومشاهدة عينية كاملة ودائمة لها، وليس استحضارا لها من خلال آثارها المادية والشفوية، فأنا في الأصل من قرية شعب، قرية معروفة بنضالها ومحاربتها لجيوش الاحتلال منذ الثلاثينيات، فعمي محمد استشهد في وادي عارة أثناء تهريبه للسلاح للثوار، وفي عام 1948 أقام المناضل القسماوي ابراهيم الشيخ خليل المعروف بكنيته أبو إسعاف حامية شعب جمعت الشباب من القرية ومن القرى المجاورة ودافع رجال الحامية عن قريتهم شعب، وقد كان أبي من رجال الحامية الاشداء والمقربين من أبو اسعاف واستعادوا قرية البروة بعد سقوطها وفاوضوا جيش الاحتلال الصهيوني على بيادر شعب...ومع سقوط البلاد اضطر أبو اسعاف الى النزوج الى لبنان، وخاف أكثرية سكان شعب فنزحوا الى لبنان، استقروا قليلا في مجدالكروم ومنها الى البعنة ودير الاسد والى لبنان وسوريا..

وفي قرية البعنة ولدت حيث تزوج ابي من خطيبته من عائلة الاسدي في شعب في عرس غريب في نوعه فالعروس مصمودة والعريس مختبئ في الجبل لأنه من المغضوب عليهم من المتسللين، وولدت وأشقائي سرا (تماما في في قصة باب الشمس للروائي الياس خوري).

وبقيت قرية شعب مع القليل من سكانها الأصليين، وأحضرت الحكومة الاسرائيلية الى القرية بدو الغنامة والبقارة وكذلك الكثير من سكان قرية ميعار المجاورة، وسكنوا بيوت سكانها النازحين، (وتربطني علاقة طيبة فيها روح المداعبة مع العائلة البدوية التي سكنت بيت جدي).شعب قرية قائمة فيها سلطة محلية ومؤسسات حكومية ولكن أرضها مصادرة ومحرمة على سكانها الأصليين، في بداية السبعينات قررنا العودة الى شعب، ولكن دائرة أراضي اسرائيل المختصة بأموال الغائبين رفضت إعطائنا قسيمة من أرضنا واقترحت علينا قسيمة أرض تابعة للغائبين فرفضت الاقتراح، وكذلك رفضنا البيع أو التبديل وبقينا نسكن البراكية من الصفيح الى أن كنا في طمره اشترينا بيتا وأرضا عام 1975 .

يولد أبناء أقاربي يكبرون ويتزوجون ويموتون ولا أراهم مباشرة، ومؤخرا حدث التواصل مع بعضهم بفضل وسائل الاتصال الحديثة... ولكن شعب قرية قائمة وليست مهدمة وممنوع مني أن أسكنها فقانون الحاضر غائب يسري عليّ .. إنها حالة استثنائية تقودني الى رؤيا ليست متشائلة بل سوداوية في المستقبل المنظور، فأنا مهجر في الداخل وقريتي قائمة وهذا وضعي فما بالكم بالمهجرين في الداخل وقراهم مهدمة نهائيا، نزورها يوم النكبة من باب التعويض النفسي ولكن لن يضيع حق وراءه مطالب، والذل العربي لن يدوم طويلا.

سليم البيك- ترشيحا- الإقامة خارج فلسطين
لن أتناول المسألة بالسؤال إن كان الأمل بالعودة لا يزال قائماً، بل بالسؤال عن المساحة التي بلغها هذا الأمل في دواخل اللاجئين، لا أراه إلا يكبر يوماً بعد آخر، وما شهدته البلاد العربية في السنتين السابقتين يمنح مساحات أكبر لهذا الأمل كي يكبر، الشعوب ثارت على أنظمتها، من كان ليتجرأ على التفكير بذلك وتحديداً في سوريا؟ فكيف لا نطرح فكرة كانت دائمة في إلحاحها على عقولنا وقلوبنا وهي العودة إلى فلسطين؟ هنا أقارن بين فكرتين إحداهما لم تكن واردة بالمرة واندلعت في أوجه الجميع في لحظة واحدة، وأخرى نربيها منذ عقود قد تستحيل حقيقة فجأة دون أي مقدمات حتمية، كالثورات.

شعبنا الفلسطيني في المخيمات، أو في مخيمات سوريا وقد عشت فيها، يعيش قراه ومدنه التي تهجّر منها بالمعنى المادي والمعنوي، ليس الأمر مجرد نوستالجيا لحياة لم نعشها، بل أن أسماء كترشيحا والجش وعين الزتون والكابري والطيرة وغيرها تملأ المخيمات وطرقاتها، كأن كل مخيم هو فلسطين مصغّرة. اليوم، وفي هذه المخيمات، ومع القصف والقتل الذي تتعرض له بناسه ومبانيه وطرقاته،كأنها عملية تصفية لرمز مادي لوطن ما عرفه أهالي المخيم إلا معنوياً، كأنها تصفية استكمالية للتصفية العرقية التي قامت بها العصابات الصهيونية عام 48 للوطن المادي الحقيقي، بترابه ومائه.
اليوم، بعد اندلاع الثورات العربية، وهي ثورات شعبية بالمعنى الأولي والنهائي برغم انتهازية أطراف في مصر كالإخوان ونتوء جماعات متطرفة كما في سوريا، نحكي عن ثورات شعبية تجرأت على أن تثور على أنظمة مغالية في قمعيتها في حالة السلم ثم دمويتها في حالة الثورة عليها كما في سوريا، وشعوب كهذه لا تعجز عن الإطاحة بجماعات تحاول سرقة ثوراتها. اليوم، وبعد هذه الثورات، تغيرت أسقف توقعاتنا لما يمكن أن تقدم عليه الشعوب، ونحن كفلسطينيين أولى من غيرنا في إشعال الثورات والانتفاضات، منها ما قد يحملنا كلاجئين إلى أوطاننا. لن أدخل في توقعات أمر كهذا لطالما كان هاجسنا، لأن شعوباً عربية أثبتت أنها أبعد من توقعات أفراد كحالتي.فجأة، أعطاني أملاً أننا كفلسطينيين في صلب كل ذلك، أننا لطالما ناضلنا من أجل حقنا في العودة، وأننا سنناله إن يوماً أردنا فعلاً ذلك.
موقع عين الحلوة الإعلامي
 « رجوع   الزوار: 1567

تاريخ الاضافة: 16-05-2013

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
9 + 9 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركن المقابلات

رحيل أم عزيز الديراوي.. رمز قضية اللاجئين الفلسطينيين المفقودين بلبنان

"المقروطة".. تراث فلسطيني أصيل

عندما اقتلعت العاصفة خيمة طرفة دخلول في ليلة عرسها ورحلة العذاب اثناء النكبة

أم صالح.. لبنانية تقود العمل النسوي في القدس منذ 70 عاما

الفنان التشكيلي محمد نوح ياسين يرسم عذابات اللاجئ الفلسطيني بخيط ومسمار

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :286152
[يتصفح الموقع حالياً [ 59
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013