.

عرض المقال :جزء من التراث العريق أوتار تراثية تعزف لحن الحياة الفلسطينية

  الصفحة الرئيسية » ركـن المقالات

جزء من التراث العريق أوتار تراثية تعزف لحن الحياة الفلسطينية

"هي فلسطين الأغنية البكر ونشيد الحادي وصوت الناي على الغدران.. هي التاريخ..هي أم البدايات..وهي الباقية مادام فيها من يحرث التراث... وينام على رائحته ويتنشق فجره ويضيء شمسه العالية"..
كلمات من التراث الشعبي الفلسطيني, تتجمع مع بعضها البعض لتجسد ثقافة لا يمكن أن تغيب عن عقول وقلوب من سكن هذا الوطن, إنها الأغاني الشعبية والتي حفظها كل لسان على أرض هذا الوطن.
وإذا كانت الأوضاع السياسية والمحن الصعبة التي مر بها الشعب الفلسطيني منذ بدايات القرن الماضي وحتى يومنا الحالي, قد أثرت في ثقافته وفي أغانيه كجزء من ثقافته, إلا أن هذا لم يمنع الشعب الفلسطيني أن يصرح بأناشيد تعبر عن أحواله المختلفة في الأفراح والأعياد المختلفة وحتى أثناء العمل والتجارة.
مناسبات الغناء الشعبي
وتتعدد أغراض الغناء الشعبي في فلسطين بين الأعياد والاحتفالات الدينية وأعياد الميلاد والأفراح والحماسة والعمل وكذلك أغاني الروايات والأقاصيص والسير الشعبية, بالإضافة إلى الأعراس التي لها حظ كبير من الأغاني.
ففي أول التقاليد المتبعة في الأعراس الخطبة, حيث يجتمع الرجال من أهل العريس والعروس لإعلان القبول وعندها يتجه إلى بيت العروس موكب كبير من قريبات العروسين والجارات ونساء القرية يحملن معهن السكر والقهوة والكعك.
ويأتي الرجال والنساء من القرى المجاورة للمشاركة ويرحب بهم أهل القرية المضيفة، بقولهم: (ميت أهلاً وسهلاً.... ومرحباً يا ضيوف.. والعشاء علينا.... والغداء خروف.. ميت أهلاً وسهلاً... والغداء كباب) ويرد القادمون التحية بقولهم: (لولا المحبة...على الأقدام ما جينا، ولا دعسنا.... أراضيكم برجلينا).
وحول أغاني المناسبات فإن كلام الأغنيات المرتبط بالأفراح لا يقتصر على وصف العروس والعريس ومشاعر المحتفلين حولهما, بل يتحول العرس إلى احتفال شعبي كامل يمكن أن يتطرق الكلام فيه إلى أي موضوع يعبر عن هموم الشعب في تلك اللحظة.
أما من أناشيد الأعياد أنشودة بكرة العيد وبنعيد... نذبح بقرات السيد .. والسيد مالو بقرة...بنذبح بنته هالشقرة.. والشقرة ما إلها دم ...بنذبح بنته وبنت العم!!
من هذه الأغاني ما هو من صنع الأطفال أنفسهم، وتشهد بذلك بساطة المواضيع، وتناولها اهتمامات الأطفال مثل: الغناء للعصافير، وإظهار الفرحة بشروق الشمس ونزول المطر, ولا بد أن أجزاء من أغاني الأطفال قد أوحى بها الكبار أو صنعوا أجزاء منها.
ومن أغاني الأطفال التي يحبونها
يا شمس اطلــــــــعي لي.. تني أنشـــــــر غسيــــلي... غسيلي في العمـــــــــارة.. نطت عليــــــه الفـــــارة.. والفــــــارة هندي هنــدي.. والليلة نامــت عنـــــــدي.. سرقــــت لي صينية .. حمرا وبيضــــــــة مجلية..
وأيضاً: واحد هو ربي...اثنين ماما وبابا...ثلاثة هم أخواتي...أربعة هم أصحابي...خمسة عدد أيدي...ستة بفيق من نومي...سبعة بروح مدرستي...ثمانية بأخذ درسي...تسعة نمرة بيتنا...عشرة للشاطرين...هيييييه
بالإضافة إلى ماما وبابا بيحبوني..علموني وربوني.. يا رب تخلي الماما والبابا نور عيوني.
و أنشودة محمد نبينا... أمه أمينة...أبوه عبد الله مات ما رآه...عمو اللي رباه...أبو طالب عمو... كان يخفف عنه...ستنا حليمة مرضعة نبينا..كانت دايماً تقله جانا السعد كله.
يا بنات يا بنات...يويا.. أبوكم مصري...يويا.. قاعد عل الكرسي..يويا.. بيعد فلوسه...يويا
علشان عروسته..يويا.
وتعبر الأم عن حنانها نحو طفلها أو طفلتها، فهي تغني عندما تحتضن الطفل لترضعه من ثديها، وهي تغني عندما تغيّر له ملابسه، وعندما تلاعبه، وعندما تغسله، وعندما تهلل له لينام، وتفعل مثل ذلك للطفلة، بل وتزيد عليه لأنها تغني لها عندما تسرح لها شعرها، وأشهر نوع من أغاني هذه المناسبات هو التهاليل، ونسمع الأم تهلل لطفلها فتقول مثلاً:
نم يا حبيبي نام .. نذبح لك طير الحمام.. طير الحمام لا تخاف.. سامي مخبا باللحاف
أغاني العمل
وقد تخطت الأغاني الشعبية الاحتفالات الدينية وأغنيات الأطفال إلى أن تصل إلى مختلف نواحي الحياة, كأغاني العمل والتي كانت بنفس مكانة أغاني الأعراس والاحتفالات الدينية, وتعد مجالاً يشير إلى شمول التعبير الغنائي في كل مجالات النشاط الإنساني للشعب الفلسطيني.
وتكاد لا توجد مهنة إلا ويعبر عنها بالغناء في التراث الفلسطيني, فهناك أغاني للأرض كأغنية استسقاء المطر والتي تقول: يا رب ما هو بطر...بنطلب منك مطر.. يا رب ما هو غيًّة... بنطلب منك ميّة .. يا رب نقطة نقطة... تنسقي حلق القطة.
وكذلك توجد أغاني للبنائين, فعندما تضرب الضربة الأولى في حفر أسس البيت في المناطق الريفية يندفع الجميع إلى العمل والغناء وهم يقولون:صلي ع الزين الهادي ومعانا مدوا الأيادي.
هوية وحضارة
وفي هذا السياق, قال الشاعر الفلسطيني د.عبد الخالق العف:" إن الأغاني والأناشيد الشعبية جزء من هويتنا الثقافية والحضارية, ويجب عدم التقليل من شأنها, وهي تعكس ثقافة وعادات وتقاليد شعب يمتلك رصيداً ضخماً من التراث الجميل المقاوم على مدار التاريخ".
وأضاف: إن ما يورثه الأجداد على الأبناء الاهتمام به وتوريثه لأبنائهم, لذلك يجب الاهتمام الشديد بهذه الأغاني والأناشيد والتراثية وأن تضل حاضرة في الذهن الفلسطيني, فهي زاد وواحدة من مقدرات هوية الشعب الفلسطيني.
وأكد العف أنه تم رصد الكثير من الأغاني الشعبية ذات ألوان إيقاعية مختلفة يفهمها المختصون, فكما للشعر أوزان وبحور فإن للأغاني الشعبية أيضاً أوزاناً وبحوراً على الرغم من عدم معرفة الكثيرين بذلك.
وأشار إلى أن الميجانا والأوف والعتابا والدلعونة كل واحدة تأتي على بحر من بحور الشعر العربي, وبالتالي من السهل حفظ هذه الأناشيد الشعبية على هذه البحور, لافتاً إلى أنه ليس عيباً أن تنقل هذه الأغاني باللهجة المحكية حتى يتسنى للأجيال القادمة أن تتعرف عليها وتتناقلها.
وأوضح أنه ليس أي شخص يستطيع أداء الأناشيد الشعبية, بل على هذا الشخص أن يمتلك صوتاً رنانا جهورياً, وأن يكون حاضر البديهة قادراً على التحاور والتناظر, فقد جرت العادة أن يثير الجمهور المنافسة بين الحدائين ليتناظروا في عدة مناسبات مبيناً أن المغني الشعبي يطلق عليه أهل المدن اسم "زجال" واسم "الحداء" إذا كان من البيئة البدوية.
وبين أن الأغاني الشعبية الفلسطينية من أبرز ألوان التراث الشعبي الفلسطيني التي أولاها الدارسون اهتماماً خاصاً حيث تشترك الأجيال في إبداع كلمات هذه الأغنية وصياغة إيقاعها وتعكس صورة حية دقيقة لأشكال الحياة وهمومها.
وتعبر الأناشيد عن مدى امتزاج الوجدان الجماعي وأحلام الناس برائحة الأرض وعبق التراب الممتزج بالعرق والدم حيث تظهر قوة اعتزاز الشعب الفلسطيني بقيمه وتقاليده وتضحياته وتصور أمانيه وتطلعاته إلى العيش بحرية وكرامة وعزة.
فالأغنية الشعبية هي حصيلة المعارف التي تتناقل عبر الأجيال من جيل إلى جيل، وبذلك ساعدت على وصل الماضي بالحاضر، تمهيداً لبناء المستقبل.

http://download.tarabyon.com/images/members/eef0886a-bae2-47dc-a31b-ba65100decb8.jpg

أغاني المقاومة

وبين العف أن الكثير من المناسبات الدينية أو الأعراس لها أناشيدها وإن كانت تقترن بأناشيد المقاومة وموضوعاتها, فمن الملاحظ أن الأفراح الإسلامية في الوقت الحالي يُنشَد فيها للمجاهدين والشهداء رغم أنه فرح، متسائلاً بتعجب: لماذا ذكر الموت؟!
وأوضح أن المقاومة والجهاد تركا أثاراً كبيرة وواضحة على جميع الأناشيد والأغاني الشعبية معللاً ذلك بتجذر القضية الفلسطينية في النفوس الفلسطينية , وهذا كان يحدث منذ القدم فهو ليس أمراً جديداً على القضية الفلسطينية.
وتوحي بعض الأغاني الشعبية بوضوح، بالفترة الزمنية، فهذا بيت الدلعونا الذي يتحدث عن جنازة محمد جمجوم، وفؤاد حجازي أبطال الانتفاضة الفلسطينية عام 1929م، والذين أعدموا على أيدي الإنجليز بسبب مقاومتهم لليهود والانتداب البريطاني، حيث يقول الشاعر:
من سجن عكَّا طلعت جنازة .. محمد جمجوم وفؤاد حجازي
جازي عليهم يا رب جازي .. المندوب السامي وربعه عموما
وأخذت اللهجة العامية تتسرب إلى هذه الأغاني الشعبية حتى سيطرت عليها، حتى ولع بها المغني بالمحسنات اللفظية، وظل الجمهور يقدّر قيمة الأغاني بمقدار إغراقها بالمحسنات، وقد كانت هذه اللهجة العامية أداة لها؛ وذلك لأن اللغة الفصحى كانت تستعمل في وقت سابق ثم انحرفت عنها إلى لهجة قريبة من الفصحى وهي "العامية".
إن التراث الشعبي الفلسطيني علامة بارزة تدل على هوية هذا الشعب العريق حيثما حل أفراده وأينما ارتحلوا وهو لا ينتمي إلى الماضي البعيد فحسب، بل أيضاً ينتمي للماضي القريب، المتصل بلحظة الحاضر، التي تصل الماضي بالمستقبل... وعلى هذا الأساس الانشغال بالتراث جزء من انشغال الإنسان بذاته.
وشدد العف في حديثه أن الاهتمام بهذا التراث غير كاف, فيجب على وزارة الثقافة الفلسطينية والمؤسسات الأكاديمية والجامعات الفلسطينية الالتفات لمسألة التراث بشكل أكبر, والسعي للحفاظ عليه من الضياع.
 « رجوع   الزوار: 1955

تاريخ الاضافة: 04-06-2011

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
7 + 1 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركـن المقالات

«الأونروا» أمام اختبار العجز والهدر

آثار قاسية يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.. ممنوعون من البناء في المخيمات والتملك خارجها

«كلاوس» تؤكد على أولوية إصلاح التعليم ورفع جودة التعليم في مدارس «الأونروا»

لاعب كويتي ينسحب من بطول المبارزة العالمية في بلغاريا

الشاعر الفلسطيني ياسر الوقاد يفوز بجائزة مسابقة الكتابة الموجهة للطفل على مستوى العالم العربي 2023

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :287218
[يتصفح الموقع حالياً [ 46
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013