.

عرض مقابلة :لقاء مع الشاعر الأردني طاهر رياض

  الصفحة الرئيسية » ركن المقابلات

لقاء مع الشاعر الأردني طاهر رياض

http://www.alwaqt.com/imagescache/3893articles.jpg

" لا أفهم انشغال المثقفين العرب بقضية التطبيع .."
وحيد تاجا
يعتبر الشاعر طاهر رياض أحد أهم الأصوات الشعرية في الساحة الأردنية، وكما قال عنه الشاعر الراحل محمود درويش فهو ''من أكثر الشعراء الذين يشبهون قصيدتهم أناقة وصدقاً وشفافية''، وهو - كما يضيف درويش - «شاعر مسكون بالبحث عن الشعر الصافي الذي لا زمن له ولا فرسان قبيلة. فالمعنى في شعره هو نتاج العناق الأقصى بين الصورة والإيقاع. لكن سلالة شعره معلنة. إنها جماليات اللغة العربية وإيقاعات الشعر العربي».
صدر له سبع مجموعات شعرية هي "شهوة الريح"، "طقوس الطين"، "العصا العرجاء"، "حلاج الوقت"، "الأشجار على مهلها"، "كأنه الليل"،  "ينطق عن الهوى"، فضلا عن دراسة عن النثر الصوفي في الأدب العربي بعنوان "حرف الحرف" (مختارات من النثر الصوفي). إلى جانب ترجمته بعض الأعمال الشعرية والمسرحية لكل من (ت.س.إليوت) و(ديلان توماس) و(صمويل بيكيت) و(تيد هيوز) وآخرين .
التقيناه أثناء زيارته إلى دمشق ا وحاورناه حول شعره وتأثره بالشعر الصوفي وتطرَّق الحديث إلى توظيف التراث والأسطورة في القصيدة العربية والموقف من التطبيع مع العدو الصهيوني.
* ما هي أهم المؤثرات التي لعبت دوراً في توجهك الشعري؟
- المؤثرات كثيرة أذكر منها اطلاعي المبكر على أمهات كتب التراث العربي ومنها التراث الصوفي لا سيما ابن عربي والنفري وهذا ما طبع شعري لاحقاً بصبغة صوفية بارزة.
* وكيف تم التأثر والتعامل مع النص الصوفي؟
- لا بد من الفصل بين أسلوبين في التعامل مع النص الصوفي، فهناك اتجاه حاول إعادة صياغة هذا النص عبر التأثر به وبلغته وبرؤيته للعالم والوجود، وهؤلاء لم يقدموا شيئاً جديداً لأن التراث الصوفي بقي أعمق وأغنى في مجالاته كافة.
ما حاولتُ أنا فعله هو إعادة صياغة أسلوبي أو رؤيتي للعالم ممزوجة بالرؤية الصوفية دون أن أتوقف عند المحطات الفلسفية للتَّصوُّف ودون أن أتشربها ويمكن أن نسمي صوفيتي الشعرية بالصوفية المادية التي تتعامل مع الحياة.
* ألا ترى أن هناك خطورة شديدة في التعامل مع التراث؟
- بالطبع لأن هناك سطوة لهذا التراث سواء كان صوفياً أو فلسفياً أو شعرياً, ونحن نشعر دائماً بضعف أمام هذا التراث, فإذا لم نحسن التعامل معه وقراءته واستقراءه فسوف يغيّبنا, كما حدث مع بعض من حاول إعادة صياغة بعض شعراء الجاهلية أو الشعر الصوفي أو شعراء العصر العباسي حيث كتبوا قصائد نثر مقلدين فيها النفرى مثلا . ولكنهم لم يأتوا بجديد بل أعادوا صياغة الرؤى الصوفية عبر إعادة ترتيب مفردات هذه الرؤى لا أكثر.
* من يقرأ شعرك يلاحظ طغيان الهم الفكري والفلسفي؟
- لكل إنسان موقفه من الحياة ومن الوجود, وقد يبدأ الكتابة أصلاً ليعبر عن موقفه هذا. ولكني أحاول أن لا يطغى الهم الفكري والفلسفي على فنية الشعر عندي ومجالاته لكي لا يتحول إلى مقولة أو بحث جاف وأرفض أن يكون الشعر مجرد حامل لفكرة فلسفية فقط. فأنا أحاول أن أقدم قصيدة جميلة فإذا حملت هذه القصيدة عمقاً وجودياً فكرياً فهذا شيء جيد وهو ما أطمح إليه ولكن دون الإساءة لجمالية الشعر.
* تبدو في قصيدتك وكأنك تنحت في اللغة نحتاً وغالباً ما تلجأ لاستخدام بعض المفردات غير المعروفة أو المألوفة؟
- أنا أحب اللغة العربية وأعتبرها من اللغات النادرة في العالم لغناها وقدرتها التعبيرية الهائلة وقاموسها المذهل. وحبي لهذه اللغة أعطاني حرية أكبر في التعبير عن وجداني الشعري وهذا يتطلب مني أن أبحث في هذه اللغة عن ما يوازي هذه المشاعر, ومع تشابك الأفكار التي يحاول الشاعر أن يعبر عنها وغموض الرؤية لديه فقد يضطر للبحث واستعمال مفردة تقول أكثر من غيرها, وقد تكون هذه المفردة اللغوية غير مألوفة, ولكن هذا يغني القصيدة ولا يضعفها.. وبصراحة تضايقني جداً اللغة الشعرية السائدة الآن لأنها تميل إلى أن تكون لغة صحفية أكثر من أن تكون لغة أدبية فالمفردات محدودة والصور التي تستدعيها هذه المفردات بالضرورة محدودة أيضاً. وبالتالي نجد التشابه والتكرار عند الشعراء.
إن اختلاط المشاعر والرؤى عند الشاعر المعاصر تحديداً يتطلب منه أن يعود لأن يكتشف اللغة العربية في قدراتها الإيحائية والمجازية.
* هناك غياب واضح للطبيعة في صورك الشعرية, وتكثيف في تفاصيل المكان؟
- الطبيعة موجودة ولكن ليس بشكلها الخام الطبيعي وإنما ببعدها الرؤوي والرمزي , فأنا عندما أتحدث عن شجرة السوء مثلاً فإنها في قصيدة لا تعني الشجرة التي يراها أي إنسان. بل كما أراها أنا وكما أعطيها من بعد وجودي ورمزي وجمالي ضمن النص الشعري. وهكذا حال الزهرة والجبل والبحر والنار.. كلها موجودة في شعري ولكنها محملة برؤيا الذاتية. أما التفاصيل في الأمكنة فليس هناك مكان وزمان معين في قصائدي, بمعنى أنك لا تجد الأمكنة التي عشت بها وأحببتها بأسمائها.
* لماذا تلجأ إلى الأسطورة؟
- الأسطورة جزء من التراث وكما يجب أن نهضم التراث كذلك يجب أن نهضم الأسطورة جيداً ونطوعها لتشكل جزءاً من نسيج القصيدة ولا تبقى مجرد توظيف رمزي سطحي يحاول الشاعر تحميله أبعاداً معاصرة وعندما أكتب القصيدة فأنا لا أفكر بأنني سأوظف الأسطورة أو سوف أستخدم التراث هنا وهناك فهذا يأتي بشكل لا إرادي ووقتها لا أعرف لماذا اخترت هذا الرمز أو ذاك فالمهم أن أستخدم الأنسب والأفضل للقصيدة.
* تكتب القصيدة الحديثة والقصيدة العمودية فاين تجد نفسك؟
- ليس هناك شعر قديم وآخر جديد, فما دامت القصيدة تؤثر في مشاعر الناس فهي شعر دون تسميات ودون تصنيفات القصيدة الحديثة التي تستند إلى تجارب غربية تقلدها بشكل سطحي مثلها مثل القصيدة التي تكتب على نمط قصائد المتنبي، المهم برأيي أن نكتب قصيدة جيدة سواء أكانت عمودية أو حديثة أو نثرية.
* متى تكتب الشعر؟
- أنا دائماً في حالة تأهب للكتابة فعندما أنتهي من كتابة قصيدة أكتشف أنني لم أستطع التعبير عما أريده بالضبط. فالكتابة لا تربحني بقدر ما تزيد من قلقي.. وهكذا أنا في محاولة البدء بالكتابة.. وربما لن أبدأ أبدا.
* هل تجد صعوبة في ولادة قصيدة جديدة؟
- ليست هناك معايير لولادة القصيدة أحياناً تمر أيام لا أكتب بها حرفاً وأتضايق من نفسي وأخشى أنني لم أعد أستطيع كتابة الشعر ولكن في لحظة ليست ذات مواصفات معينة أجدني أردد جملة أو كلمة تكون هي طرف خيط قصيدة جديدة وأبدأ بنسجها بكثير من الوعي الذي تلعب فيه ثقافتي ولغتي ومشاعري وتجربتي دوراً كبيراً, من هنا فإن كتابة القصيدة فيها لغة وعذاب حقيقيان في آن معاً.
* هل تكتب القصيدة مرة واحدة؟
- قصائدي الطويلة قليلة جداً, وأغلبها قصير وعادةً ما أكتبها دفعة واحدة ثم أصفها في الدرج وأتركها عدة أشهر ثم أعود إليها وأقرأها في حالة تنبه كاملة فإما أن أمزقها على أنها ليست صالحة أو أن آخذ منها مقاطع لبداية جديدة, أو أن أشتغل عليها قليلاً ثم أتركها ثم أعود.. فأنا أشتغل على القصيدة عدة أشهر قبل نشرها. مع هذا غالباً ما أندم بعد نشرها لأنني أكتشف أنني قصرت في رؤية بعض الأشياء فيها.
* هل يمكن أن نطل من خلالك على المشهد الشعري في الأردن؟
- دعني أقول: إن الأردن ظلم كثيراً على المستوى الثقافي في العصر الحديث لأنه اعتبر دائماً من بلدان الهامش الثقافي العربي أمام المراكز الثقافية التقليدية في القاهرة ودمشق وبيروت والعراق. مثلاً, وربما لهذا السبب من ناحية, ولعدم وجود خصوصية ما في الأدب أو الكتابة الأردنية كما نجد أحياناً لدى بعض الكتاب في مصر أو في سوريا، فالمثقف الأردني حاول الاستفادة من جميع التجارب الأدبية والشعرية في الساحة العربية, وبالتالي امتزجت كلها فيه دون تمييز بين أدب سوري أو مغربي أو مصري. وهناك الآن في الأردن مجموعة من الشعراء الشباب يمكن تصنيفهم بأنهم من الأصوات المميزة عربياً والتي اختطت مسارات في القصيدة العربية تتلاقى مع مسارات شعراء من المغرب ومن لبنان ومن الجزيرة العربية.
* كيف تفهم التطبيع مع العدو الصهيوني وما موقفك منه؟
- لا أدري ما هو المقصود من كلمة التطبيع فعلاً وربما إذا جلست مع عشرين مثقفاً عربياً وسألتهم عن معنى التطبيع ستجد/20/ مصطلحاً فكل شخص يفهم هذا التعبير بشكل خاص.
وكذلك محاولة مقاومة التطبيع. هل التطبيع هو أن نقرأ الأدب الإسرائيلي مثلاً؟ نحن منذ سنوات طويلة نقرأ هذا الأدب هل التطبيع أن نتكلم مع اليهود؟ أن تراثنا العربي والإسلامي مليء بكتَّاب يهود وعلماء يهود. ولكن يبدو لي أن التطبيع معناه تصديق الرواية الإسرائيلية حول حقهم في الأراضي العربية وحول وجودهم هنا. إذا صدقنا هذه الرواية نكون قد طبعنا فعلاً. ولكن من يصدق هذه الرواية, حتى الذين يذهبون ويتحدثون مع الإسرائيليين - وأنا ضد هؤلاء وضد محاولاتهم - ولكن حتى هؤلاء ليسوا مؤمنين بفكرة الاسرائيلين التاريخية في هذه المنطقة وبالتالي على الصهاينة أن يخافوا منا على صعيد البعد الثقافي وليس العكس, فهم لا يملكون تراثاً كتراثنا ولا أدباً كأدبنا . وليس لديهم تاريخ كتاريخنا.. وبالتالي على ماذا نخاف؟ أنا لا أفهم ؟! وبصراحة أنا أشفق على أن يؤول مآل كتَّابنا العرب والمثقفين العرب أن يكون شغلهم الشاغل هذه القضية بدل أن يكون شغلهم أين وصلت الرواية العربية. وما هي التجارب الجديدة في الشعر .. في المسرح... في القصة وفي النقد. فهذه الأمور هي مهمة. وأن تكتب قصيدة جديدة فهذا مقاوم"لإسرائيل" وأن تكتب رواية جيدة فهو عمل نضالي حقيقي. هذا نضالنا الذي يجب أن نركز عليه.
 « رجوع   الزوار: 2745

تاريخ الاضافة: 06-02-2011

.

التعليقات : 0 تعليق

« إضافة مشاركة »

اسمك
ايميلك
تعليقك
2 + 5 = أدخل الناتج

.

جديد قسم ركن المقابلات

رحيل أم عزيز الديراوي.. رمز قضية اللاجئين الفلسطينيين المفقودين بلبنان

"المقروطة".. تراث فلسطيني أصيل

عندما اقتلعت العاصفة خيمة طرفة دخلول في ليلة عرسها ورحلة العذاب اثناء النكبة

أم صالح.. لبنانية تقود العمل النسوي في القدس منذ 70 عاما

الفنان التشكيلي محمد نوح ياسين يرسم عذابات اللاجئ الفلسطيني بخيط ومسمار

القائمة الرئيسية

التاريخ - الساعة

Analog flash clock widget

تسجيل الدخول

اسم المستخدم
كـــلمــة الــمــرور
تذكرني   
تسجيل
نسيت كلمة المرور ؟

القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الاشتراك

عدد الزوار

انت الزائر :287606
[يتصفح الموقع حالياً [ 138
تفاصيل المتواجدون

فلسطيننا

رام الله

حطين

مدينة القدس ... مدينة السلام

فلسطين الوطن

تصميم حسام جمعة - 70789647 | سكربت المكتبة الإسلامية 5.2

 

جميع الحقوق محفوظة لرابطة المعلمين الفلسطينيين في لبنان ©2013